فكان جواب هؤلاء اليهود لحليفهم الناصح على مستوى الخسة والسفاهة التي هي من طبيعتهم، حيث قالوا لسعد ساخرين من نصحه:"أكلت أير أبيك".
فقال لهم سعد (وكان حليمًا ثبتًا): "غير هذا من القول كان أجمل بكم وأحسن يا بني قريظة"، فتمادى بنو قريظة في غيهم وصاروا ينالون من النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقعون فيه، وهنا يئس سعد من معاذ من عودة حلفائه إلى جادة الصواب، فعاد الوفد الإسلامي يحمل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تأكيد غدر اليهود ونقضهم العهد.
[كلمة السر بين النبي والوفد]
وعندما وصل الوفد إلى المعسكر وراء الخندق سلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبلغوه (بواسطة كلمة السر) حقيقة الموقف وأن يهود بنى قريظة (فعلا) قد غدروا ونكلوا.
وكلمة السر هذه التي تبلغ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الخبر المزعج (دون أن يعلم أحد غيره في المعسكر) هي -عضل والقارة- فبمجرد أن قال رئيس الوفد هذه الكلمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أدرك- حالًا- أن اليهود قد غدروا ونقضوا العهد.
وعضل والقارة هما قبيلتان من هذيل سبق منهما الغدر بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذات الرجيع من أرض الحجاز وهم في طريقهم للقيام بتعليم تلك القبائل أصول الدين الإسلامى -كما فصلناه فيما مضى من هذا الكتاب.