الأَنصار عند العقبة، فيهم أَربعة من الستة الذين التقوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، في العام السابق، وهناك بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة النساء (كما يقول ابن إِسحاق) وهي أنهم التزموا بموجب هذه البيعة العمل بأَحكام الإِسلام من فعل الواجبات وترك المحرّمات، ولم يأْت ذكر في هذه البيعة للناحية العسكرية، لأَن هذه البيعة تمت قبل أَن يأْذن الله لنبيه بالقتال.
[سفير النبي في المدينة]
وبينما كانت قريش تشدد من ضغطها على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتضاعف من إِيذائها للضعفاءِ من أَتباعه، كان - صلى الله عليه وسلم - يوثق من صلاته بأَهل يثرب ويوسع من نطاق اتصالاته بهم.
فبعد أَن تمت بيعة العقبة الأُولى، وانتهى موسم الحج بعث مع القوم الذين عقدوا معه هذه البيعة أَول سفير له في يثرب ليعلِّم المسلمين فيها شرائع الإِسلام ويفقههم في الدين، ويقوم بنشر الإِسلام بين الذين لا زالوا على الشرك ..
وقد اختار النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه السفارة الشاب الصالح التقى الشجاع (مصعب بن عمير العبدرى)(١)، الذي كان من السابقين الأَولين إِلى الإِسلام من شباب قريش.
ولقد أَثبت الشاب مصعب أَنه خير سفير للإِسلام اعتمده، النبي - صلى الله عليه وسلم - لدي أَهل يثرب، فقد قام بمهمته خير قيام، إِذ استطاع بدماثة خلقه وصفاءِ نفسه أَن يجمع كثيرا من أَهل يثرب على الإِسلام حتى إِن قبيلة من أَكبر قبائل يثرب (وهي قبيلة بنى عبد الأَشهل) قد أَسلمت جميعها على يده بقيادة رئيسها سعد بن معاذ.