للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبب الأول: الطبيعة المتأصلة (آنذاك): طبيعة الجبن التي تجعل هؤلاء اليهود لا يقاتلون إلا من وراء الحصون وداخل القرى المحصنة، وهي طبيعة أشار إليها القرآن الكريم بقوله: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} (١).

السبب الثاني: هو أن اليهود في خيبر -بالرغم من مرور عدة قرون على وجودهم في تلك المنطقة العربية- فإن علاقاتهم (بالرغم من قوتهم العسكرية وثرائهم الواسع) ليست على ما يرام مع السكان الأصليين من أعراب القبائل المحيطة بمنطقة خيبر، على الرغم من أن أحدًا من هذه القبائل لم يكن قد دان (حتى ذلك الوقت وهو السنة الرابعة من الهجرة) بدين الإسلام. وبالرغم من شراء اليهود ولاء هذه القبائل العربية الوثنية بين الحين والآخر بالرشاوى.

لذلك كان اليهود (على ما يظهر) يخشون أن تغير هذه القبائل العربية الوثنية على واحة خيبر فتنتهب خيراتها وتسبى نساءها وذراريها حينما تصبح خالية من المحاربين اليهود، عندما يزحفون بجيوشهم لغزو المسلمين في عقر دارهم (المدينة) التي تبعد عن خيبر أكثر من ثمانين ميلًا وهي مسافة بعيدة جدًّا بالنسبة لوسائط النقل في ذلك العصر.

[خيبر. . وغزوة الأحزاب]

وأيًا كان سبب إحجام اليهود عن الزحف بأنفسهم على المدينة من خيبر (مع توفر كل الإمكانات لديهم للقيام بهذا الغزو) فإن فكرة الإطاحة بالمسلمين والقضاء عليهم وإطفاء شعلة دعوة الإسلام ظلت قائمة في أذهان هؤلاء اليهود تلح في نفوسهم إلحاحًا شديدًا.

وكان أشد هؤلاء اليهود إلحاحًا في السعي لإبادة المسلمين وحرصًا على نقل المعركة إلى ديارهم في المدينة بأي شكل من الأشكال. . رأس الكفر وأخطر عدو للإسلام عميد الأسرة النضرية حييَّ بن أخطب الذي أعلن -منذ اللحظة الأولى التي قابل فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - عند مقدمه من مكة


(١) الحشر ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>