لإِجبارهم على الدخول في معركة فاصلة كانوا يتحاشون الدخول فيها مع المسلمين. وهناك قرينة أخرى تدل على أن يهود حصن النزار، لم ينسحبوا من الحصن إلا بعد قتال مرير ضار داخل الحصن، ذلك أنهم لو انسحبوا من الحصن دونما اشتباك والتحام مع المسلمين (ونتيجة خوفهم فقط من قصف المنجنيق) لتمكنوا من التسلل في غلس الظلام بنسائهم وأطفالهم، ولا تركوهم وعددهم يربو على الألفين في هذا الحصن.
[قصة تحتاج إلى تمحيص]
وذكر بعض الإخباريين (١) أن اليهود لما طال صمودهم وقاوموا حصار المسلمين طويلًا، وأصابت سهامهم بنان النبي - صلى الله عليه وسلم - بجراح، وهو يقود عملية الحصار، ويرمى يهود (حصن النزار) بالنبل، أخذ بيده الكريمة كفًّا من الحصى فرمى به حصن النزار المذكور، حتى رجف وساخ في الأرض بمن فيه من اليهود، حتى جاء المسلمون، وأخذوهم باليد أخذًا.
وهذا يعني أن اليهود دافعوا عن حصن النزار بشراسة وعناد استماتة حالت بين المسلمين وبين اقتحام الحصن وافتتاحه بالأساليب الحربية التقليدية، وأن هذا الحصن (لذلك) إنما فتح بمعجزة حيث ساخ هذا الحصن في الأرض حتى أصبح أثرًا بعد عين، فسهل على المسلمين أن يقبضوا على جميع من فيه من اليهود بكل سهولة بعد أن حصبه النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بكف من الحصى.
ونحن لا نميل إلى الأخذ بهذا الخبر، لا لأننا ننكر المعجزات التي يكرم الله بها أنبياءه، كلا، فمعجزات الأنبياء ثابتة بالتواتر، وإنما لأن كل الذين رأيناهم أوردوا هذه القصة لم يذكروا لها أي سند متصل بسلسلة من الثقات كما هي الطريقة المفروض اتباعها عن أهل الحديث، وخاصة في نقل مثل هذه المعجزة الخارقة للعادة، وإنما اكتفى هؤلاء الإِخباريون بذكر هذه القصة دونما أي سند.
(١) انظر البداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٨، السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٥ ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٨.