اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جَبُنَا عنهم وضعفنا، والله لا نطيع العرب في أن تدخل علينا منازلنا.
واتضح للرسول - صلى الله عليه وسلم - على أثر هذه المناقشات أن الأغلبية ترى خلاف رأْيه، فلم يسعه إلا الاستجابة لرأْي هذه الأَغلبية، وأَعلن أنه خارج لمقاتلة العدوّ حيث هو بوادي قناة، بالرغم من أنه - صلى الله عليه وسلم - كاره للخروج.
[النبي يرفض الرجوع إلى رأيه الأول]
وبعد ارفضاض المجلس ذهب المسلمون لأداء صلاة الجمعة، وبعد أن صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمسلمين دخل إلى منزله فتدجج بسلاحه فظاهر بين درعين (أي لبس درعًا فوق درع) ثم خرج على قومه بكامل عادته الحربية، وأذن فيهم بالخروج إلى العدو.
وقال ندم ذوو الرأي حين شعروا أنهم استكرهوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على اتباع خطة لمقاتلة العدو ويفضّل عليها غيرها.
فبلّغوه استعدادهم للتنازل عن رأْيهم والرجوع إلى رأْيه الأَول، فقالوا له:
ما كان لنا أن نخالفك ولا نستكرهك على الخروج فاصنع ما شئت، أمكث كما أمرتنا.
فلم يقبل منهم هذا العرض، وقال لهم (مصممًا على الخروج): "وما ينبغي لنبي إذا لبس لأْمته (أَي كامل سلاحه) أَن يضمها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه، وقد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج، فعليكم بتقوى الله والصبر عند البأْس وانتظروا ما آمركم به فافعلوا".