للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد]

وعندما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكة في جيشه والفرسان حوله، لقيه رجل وأراد أن يكلمه ولكنه لهيبة الموكب الحربى الذي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - خاف الرجل خوفًا شديدًا، حتى أنه ليرعد من شدة الخوف، فلما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما بالرجل، وقد أدرك السبب. قال له (في تواضع ليزيل ما به من الخوف): "هوِّن عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد" (١).

[الرسول يدخل مكة من البطحاء]

وقد دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكة من البطحاء وهو وادي مكة الحديد، فقد سألت كتائب الجيش أمامه في الوادي وإلى جانبه أبو بكر الصديق. قال الواقدي: ومر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر إلى جنبه يسير يحادثه، فمر ببنات أبي أحيحة بالبطحاء حذاء منزل أبي أحيحة (وهو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس) وقد نشرن رؤوسهن، يلطمن الخيل بالخمر، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر فتبسم، وذكر ببيت حسان بن ثابت، فأنشده أبو بكر:

عدمت بنيتى إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء

ينازعن الأعنَّة مسرجات ... يلطمهن بالخمر النساء (٢)

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أدخلوها من حيث قال حسان (٣) أي من كداء، أعلى مكة. وهو المكان الذي دخل منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

[الحجون ملتقى فرق الجيش الفاتح]

ويظهر أن منطقة الحجون كانت مكانًا لتجمع الفرق التي سيطرت على


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٣ من رواية البيهقي.
(٢) هذان بيتان من قصيدة رائعة قالها حسان بن ثابت، والجيش يتهيأ لدخول مكة. ذكر القصيدة بكاملها ابن إسحاق في الجزء الرابع من السيرة ج ٤ ص ٦٥.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>