وكان المسلمون يردون على رمي اليهود برمي شديد مثله بالنبال، إلا أن نبال اليهود كانت أشد فعالية في جند الإِسلام وذلك لكون اليهود يسلطونها من أبراج قلعة (النزار) العالية التي يعسكر المسلمون تحتها.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشترك مع المسلمين في قذف اليهود بالنبال أثناء الترامى بالسهام، ويظهر أن رماة اليهود كانوا يركّزون رمى سهامهم الغزيرة بصفة خاصة على الموقع الذي يرابط فيه النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - حول الحصن المحصور، لذلك جرِحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - نتيجة إصابته ببعض سهام اليهود، كما أصابت بعض نبال اليهود ثيابه فمزقتها وهو يدير العمليات ضدهم (١).
[نصب المنجنيق على الحصن]
ويدل سياق المؤرخين على أن يهود قلعة (النزار) قد صمدوا طويلًا، وصدُّوا كل المحاولات التي قامت بها وحدات من مشاة الجيش النبوى لاقتحام الحصن وفتحه بقوة السلاح، وذلك راجع إلى تحصين قلعة النزار ووعورة الوصول إليها حيث تقع على أعلى قمة جبل، ثم كثرة المدافعين عنها وشدة تيقظهم، وعنادهم في المقاومة. الأمر الذي جعل المسلمين يضيقون من طول المقام حول الحصن محاصرين بدون نتيجة.
لذلك قرر النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - استخدام آلات التدمير لضرب أبراج الحصين وأسواره لتدميرها وفتح ثغرات كبيرة فيها ليتمكن مشاة المسلمين من اقتحام الحصن عن طريقها، ولم يكن هناك مجال للخيل في عمليات الهجوم على الحصن لعدم وجود أي طريق تقدر الخيل على سلوكه ولذلك كانت هجمات المسلمين مقتصرة على وحدات من المشاة.
وكان المسلمون قد غنموا في حصن الصعب بن معاذ في النطاة بعض المنجنيقات، وهي الآلات الوحيدة التي تستخدم في ذلك الزمن لتدمير الحصون كما غنموا بعض الدبابات التي تحمى صفايحها الحديدية المشاة أثناء
(١) انظر السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٦٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٨ ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٦٨.