للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خبر استياء إبليس لفتح مكة]

وجاء في مغازي الواقدي جـ ٢ ص ٨٤١ أن إبليس رنَّ في تاريخ حياته ثلاث رَنات .. رنّة حين لعن فتغيّرت صورته عن صورة الملائكة .. ورَنّة حين رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّى قائمًا بمكة .. ورنة حين افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، فاجتمعت ذريته، فقال إبليس: ايئسوا أن تردوا أمة محمد على الشرك بعد يومهم هذا، ولكن أفشوا فيهم النوح والشعر.

[خطبة الرسول التاريخية يوم الفتح]

وبعد أن أنهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوجود الوثنى وأزال كل مظاهر ومعالم الوثنية من مكة المكرمة فطَهَّر الكعبة من رجس الأصنام والأوثان بتحطيمها، وبعد أن هدم سلطان قريش السياسي وخضد شوكتها العسكرية حيث ألقى القاتلون منها السلاح وسلموه للجيش النبوي، وبعد أن رفع نظام منع التجول توافد القرشيون إلى المسجد من كل حدب وصوب، فضاق بهم المسجد فاحتشد في الطرقات المحيطة به، وكل منهم يريد أن يسمع من القائد الأعلى النبي المنتصر - صلى الله عليه وسلم - كلمة الفصل في مصيره. وذلك في اليوم الثاني للفتح (١).

[ماذا ترون أني فاعل بكم]

أمَّا الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - فبعد أن هدأت الأحوال في مكة وبعد أن بات المسلمون الفاتحون ليلة فيها، وقف - صلى الله عليه وسلم - وقائد سلاح الفرسان خالد بن الوليد حوله يبعد الناس المزدحمين حوله (٢). وقف الرسول على باب الكعبة وعضادتى الباب في يده وبيده المفتاح قد جعله في كمّه والمشركون في المسجد يزدحمون يكاد بعضهم يدوس البعض الآخر ليسمعوا ما سيقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

[العفو العام عن أهل مكة]

وبينما الناس واقفون ينتظرون وينظرون إلى الرسول الفاتح المنتصر بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إلقاء خطابه التاريخي الذي فيه أولًا أصدر عفوًا عامًّا عن جميع


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٠٥ وزاد المعاد ج ٢ ص ٣٩٧.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>