للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تلاشى نهائيًا واستراح المسلمون بموته (١). وذلك بعد أن تمت السيطرة الكاملة للإسلام على جميع نواحى الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها.

موقف ابن أبَيّ والجد بن قيس في غزوة تبوك:

ورغم انحسار نفوذ زعماء المنافقين شيئًا فشيئا في المدينة، فقد بقى لهم بعض النفوذ بين العناصر المغرر بها، فكان عبد الله بن أبي والجد بن قيس، وهما رأسا النفاق، لا يزالان على قيد الحياة عندما اعتزم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتحرك بالجيش إلى الحدود الشمالية لإِرهاب الروم.

ولقد بذل هذان الزعيمان المنافقان كل جهد لتمزيق وحدة المسلمين بنشر الشائعات المغرضة، والتي هدفها إحداث الفوضى والبلبلة داخل صفوف الجيش الذي تقرر أن يتحرك من المدينة إلى تبوك بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

أما الجد بن قيس فقد قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - كزعيم من زعماء المسلمين (في الظاهر) ولعله ينقى سريرته ويشترك -بإخلاص- في هذه الحملة العسكرية التاريخية، فالرسول دائما لا ييأس من إصلاح النفوس التي اعتراها الخراب، فهو رسول رحمة ومحبة وإصلاح، لذلك فقد قال للجد بن قيس هذا (بأدب نبوى رفيع): هل لك العام تخرج معنا، وبلهجة فيها شيء من المداعبة قال له: لعلك تحتقب من بنات بني الأصفر؟ . وكان الإسلام يبيح سبى نساء الأعداء وتسريهن كعمل حربى مقابل لا بد منه (٢) لأن العداء إذا ما سبوا نساء المسلمين إسترقوهن وتسروهن (٢) فقال الجد بن قيس للنبي - صلى الله عليه وسلم - بلغة منافقة خبيثة ماكرة-: أو تأذن لي ولا تفتنى؟ فوالله، لقد عرف قومى ما أحد أشد عجبًا بالنساء منى، وإني لأخشى إن أنا رأيت نساء بني الأصفر، لا أصبر عنهن.

ولقد استاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذا الجواب الخبيث، غير أن الرسول -لما هو عليه من أدب رفيع جم- لم يعبر عن استيائه من هذه الإجابة التي


(١) انظر تفاصيل هذه الفتنة في كتابنا الثالث (غزوة الأحزاب).
(٢) انظر تفاصيل موتف الإسلام من سبايا الحرب في كتابنا الرابع (غزوة بني قريظة) ففيه ما يدحض جميع شبه أعداء الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>