فعن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد أن غالب بن عبد الله الليثى وقف خطيبًا في رجال هذه السرية (قبيل العركة) فقال أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له وأن تطيعونى ولا تعصوني ولا تخالفوا لي أمرًا، فإنه لا رأى لمن لا يطاع، ثم ألف بينهم فقال: يا فلان أنت وفلان، يا فلان أنت وفلان -لا يفارق كل رجل زميله- وإياكم أن يرجع إلى أحدكم فأقول: أين فلان صاحبك؟ فيقول: لا أدرى، وإذا كبرت فكبروا. ثم قال: فكبر وكبروا، وأخرجوا السيوف قال: فأحطنا بالحاضر (وفي الحاضر) نعم وقد عطنوا (١) مواشيهم فخرج إلينها الرجال فقاتلوا ساعة، فوضعنا السيوف حيث شئنا منهم، ونحن نصيح بشعارنا: أمت أمت، وخرج أسامة بن زيد في أثر رجل منهم يقال له نهيك بن مرداس فأبعد، وحوينا على الحاضر وقتلنا من قتلنا، ومعنا النساء والماشية، فقال أميرنا: أين أسامة بن زيد؟ فجاء بعد ساعة من الليل. فلامه أميرنا لائمة شديدة وقال: ألم تر إلى ما عهدت إليك؟ فقال: إني خرجت في أثر رجل جعل يتهكم بي حتى إذا دنوت ولحمته بالسيف قال: لا إله إلا الله. فقال أميرنا أأغمدت سيفك؟ قال: لا والله ما فعلت حتى أوردته شعوب، قال: قلنا والله بئس ما فعلت وما جئت به تقتل امرءًا يقول: لا إله إلا الله؟ فندم وسقط (بضم السين) في يديه قال: واستقنا النعم والشاء والذرية، وكانت سهامهم عشرة أبعرة كل رجل، أو عدلها من الغنم. وكان يحسب الجذور بعشرة من الغنم. (مغازى الواقدي ج ٢ ص ٧٢٤).
[النبي يحقق مع الجندي أسامة]
ولم يتخذ قائد السرية غالب الليثي أي إجراء ضد أسامة بن زيد للتصرف الخاطئ الذي تصرفه. بل تركه حتى قدم به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أجرى معه التحقيق بشأن قتله ذلك الرجل السلم.