للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة الامتناع عن تسليم الرسول مفتاح الكعبة]

كان عثمان بن طلحة العبدرى "استجابة دائمًا في بني عبد الدار" كان قد أسلم، وهاجر إلى المدينة، وبقى مفتاح الكعبة عند أمه بنت شيبة، وكانت على شركها حتى يوم الفتح، فلما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكة فاتحا وأكمل طوافه، وأنهى وجود قريش السياسي، وأنهى الوجود الوثنى في مكة بسيطرة جيشه عليها، وتحطيم الأصنام والأوثان فيها، والتي هي أبرز مظاهر الشرك والوثنية .. أرسل إلى بني شيبة من بني عبد الدار في طلب المفتاح. مفتاح الكعبة .. أرسل مولاه بلال إلى عثمان بن طلحة ليأتيه بالمفتاح. فذهب بلال إلى عثمان بن طلحة وقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تأتى بمفتاح الكعبة. قال عثمان .. نعم فذهب إلى أمه بنت شيبة وكان المفتاح عندها .. فقال لها .. يا أمة أعطنى المفتاح فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل إلى وأمرنى أن آتى به إليه. فمانعت أمّه في تسليم المفتاح أشد الممانعة، وقالت لابنها عثمان .. أعيذك بالله أن تكون الذي تذهب مأثُرة قومه (١) على يديه. فقال لها. فوالله لتدفعنَّه إليه أو ليأتينك غيرى فيأخذه منك، فأصرت على التشبث بالمفتاح ومانعت في تسليمه، ثم أدخلته في حجزتها (٢) وقالت .. أيّ رجل يدخل يده هاهنا.

وبينما عثمان بن طلحة العبدرى يحاول إقناع أمّه لتدفع المفتاح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي ترفض في إصرار، إذا بها تسمع صوت أبي بكر وعمر في الدار، وعمر يرفع صوته حين رأى إبطاء عثمان: يا عثمان، أخرج إليّ، وهنا خافت أم عثمان - لأن عمر كان شديدًا على قريش - فوافقت على أن تسلم مفتاح الكعبة قائلة لابنها: يا بني خذ الفتاح، فإن تأخذه أحب إلى من أن يأخذه تَيْم "قوم أبي بكر" أو عديّ "قوم عمر"، فأخذ عثمان الفتاح وجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه إباه (٣) ففتح الكعبة ثم دخلها على الذي تقدم تفصيله من هذا الكتاب.


(١) المأثرة (بضم الثاء) الخصلة المحمودة التي تتوارث ويتحدث بها دائما.
(٢) الحجزة: مكان التكة من السروال.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٣٣ تحقيق الدكتور مارسدن جونس طبعة أكسفورد.

<<  <  ج: ص:  >  >>