للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفارس ذو العصابة]

أما أبو دجانة، وهو الركن الثاني من أركان المعركة، والذي أبى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعطي سيفه لأحد سواه عندما عرضه على أصحابه (قبل المعركة) فقد أبلى بلاء عظيمًا، فكان يوم أُحد لا يقوم له أحد وقد كان لبسالته أثر عظيم في اندحار المشركين في الصفحة الأولى من المعركة.

قال الزبير بن العوام .. وجدت في نفسي حين سألت رسول الله السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة، وقلت أنا ابن صفية عمته (١) ومن قريش وسألته إياه قبله فأعطاه أبا دجانة وتركني؟ ؟ والله لأنظر ما يصنع، فاتبعته، فأخرج عصابة حمراء فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار:


(١) هي صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية، عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشقيقة حمزة ووالدة الزبير بن العوام، أمها هالة بنت وهب (خالة رسول الله) كان أول من تزوج صفية: الحارث بن حرب بن أمية، فلما هلك عنها خلف عليها العوام بن خويلد أخو خديجة أم المؤمنين، كانت من السابقات إلى الإسلام، هاجرت مع ولدها الزبير، وكانت - رضي الله عنها - ذات شجاعة وإقدام، فقد ذكر المؤرخون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج لملاقاة الأحزاب في الخندق، جعل النساء في حصن يقال له (فارغ) وجعل معهن حسان بن ثابت، وصادف أن تسلق أحد اليهود الحصن. قالت صفية، فقلت لحسان قم فاقتله، فقال لو كان ذلك في، كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت صفية فقمت إليه فضربته حتى قطعت رأسه، وقلت لحسان قم فاطرح رأسه على اليهود وهم أسفل الحصن، فقال والله ما ذاك، (أي لا أستطيع) قالت فأخذت رأسه فرميت به عليهم، فقالوا: قد طعنا، إن هذا (يعني النبي) لم يكن ليترك أهله خلوا، ليس معهم أحد، فتفرقوا، وكانت صفية - رضي الله عنها - أول امرأة قتلت رجلا من الكفار، وذكر ابن حجر في الإصابة أن صفية بنت عبد المطلب، لما انهزم الناس في أحد كان بيدها رمح تضرب به في وجوههم، توفيت سنة عشرين هـ حزنت صفية على أخيها البطل حمزة حزنًا شديدًا، وقد رثته بأبيات شعر غاية في الجودة والرقة ومنها: إن يومًا أتى عليك ليوم كورت شمسه وكان مضيئا.

<<  <  ج: ص:  >  >>