للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العباس يطلب إسناد حجابة البيت إلى بني هاشم فيأبى الرسول]

وذكر المؤرخون أن العباس بن عبد المطلب ورجال من بني هاشم تطاولوا لأخذ مفتاح الكعبة ليتم لهم شرف الجمع بين السقاية والحجابة، فقد قال العباس بن عبد المطلب "عميد أسرة بني هاشم في مكة". قال - وقد بسط يده -: يا نبي الله، بأبي أنت، اجمع لنا الحجابة والسقاية. فأبى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال العباس: أعطيكم ما تُرزءون فيه ولا أعطيكم ما تُرزءون منه (١).

[رفع نظام منع التجول في مكة.]

وبعد أن تمت السيطرة الكاملة للجيش النبوي على العاصمة المقدسة "مكة" وبعد أن أزال الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها آخر مظهر من مظاهر الشرك والوثنية بتحطيم الأصنام والأوثان وكل ما له علاقة بشعارات الجاهلية مثل الصور المرسومة على جدران الكعبة، رفع نظام منع التجول، وأصبح أهل مكة أحرارًا في التنقل داخل المدينة وخارجها كيف شاءوا ومتى شاءوا.

فتوافد أهل مكة في ذلك اليوم التاريخي إلى المسجد من كل ناحية ليروا، ويسمعوا كيف تكون معاملة الرسول المنتصر لهؤلاء القرشيين الهزومين، الذين لم يتركوا (خلال عشرين عامًا) وسيلة للقضاء على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى دعوته إلا اتبعوها.

وقد علت الدهشة وجوه قريش، وكادوا يتهمون أبصارهم، وهم ينظرون إلى عشرة آلاف مقاتل مدججين بالسلاح تحيط - في هيبة وإجلال وتيقظ وانتباه - بمحمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، ذاك الرجل الذي أهدرت قريش دمه وجعلت مكافأة ضخمة لمن يأتي به إليها حيًّا أو ميتًا. يوم أن خرج (قبل ثمان سنوات) من مكة خائفًا يترقب يطلبه الموت في


(١) زاد المعاد ج ٢ ص ٣٩٥ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٣٣ وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أعطيكم ما ترزءون فيه ولا أعطيكم ما ترزءون منه. أي إنما أعطيكم الساقية التي تحتاج منكم إلى مؤن فأما الحجابة فلا ترزؤكم شيئًا لأن الناس يبعثون إلها بالكسوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>