ثم ألقى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذه الخطبة التاريخية دروسًا عالية على الناس عامة وعلى أهل مكة خاصة أو ما يمكن تسميته بمراسيم اشتراعية جديدة تحدد لهم (في ظل حكم الإِسلام) سلوكهم وتعاملهم مع بعضهم البعض.
تحريم الرِّبا:
كان الرّبا في الجاهلية أهم قاعدة في مجال التجارة والاقتصاد ولما كان الرّبا من الأمور التي تتنافى مع روح الإِسلام وتعاليمه البنَّاءة السمحة، لكونه من أبشع وسائل الاستغلال التي بها تتضخم ثروات الأغنياء على حساب تدمير الفقراء والمحتاجين وهم الأغلبية الساحقة. فقد ألغى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خطبته هذه التعامل بالرّبا، وحرمه تحريمًا قاطعًا فقال .. "ألا إن كل ربا في الجاهلية أو دم أو مال أو مأثرة فهو تحت قدمى هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج.
[تحديد دية القتيل خطأ]
ثم وضع تشريعًا حدد بموجبه التعويض الذي يدفع لأهل المقتول خطأ أو شبه عمد والمسمى في التعريف الجنائى الإِسلامي بالدية فقال: .. "ألا وفي قتيل الخطأ، مثل شبه العَمْد، السوط والعصا، فيهما الدية مغلظة- مائة من الإِبل منها أربعون في بطونها أولادها".
[إعلان وحدة الجنس البشرى والتساوى في الحقوق]
ثم أعلن وحدة النوع البشرى وتحريم التفريق العنصرى وأنه لا مكان في الإِسلام لتفضيل إنسان على آخر بسبب لونه أو جنسه أو لغته، وإنما يكون التفاضل بالتقوى وبقدر ما يقدم الإِنسان للمجتمع من خير في حدود تعاليم الإسلام، فقال .. "يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتكبرها. الناس من آدم وآدم من تراب".
ثم تلا - صلى الله عليه وسلم - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا