قال الواقدي: وأقام فروة بن هبيرة القشيري أيامًا يجول في مجالس قريش ويسمع به نوفل بن معاوية الديلى، فنزل من باديته فأخبره بما قال لقريش فقال نوفل: إذا. لا أجد عندكم شيئًا. قدمت الآن لمقدمك حيث بلغني ولنا عدو قريب داره، وهم عيبة نصح محمد لا يغيبون عليه حرفًا من أمورنا. قال: من هم. قال خزاعة. قال: قبحت خزاعة، قعدت بها يمينها. قال فروة: فماذا؟ قال: استنصر قريشًا أن يعينوا عليهم. قال فروة: فأنا أكفيكم. فلقى رؤساءهم، صفوان بن أمية، وعبد الله بن أبي ربيعة، وسهيل بن عمر، فقال: ألا ترون ماذا أنزل بكم؟ إنكم رضيتم أن تدفعوا محمدًا بالراح. قالوا: فما نصنع؟ قال تعينون نوفل بن معاوية على عدوه وعدوكم. قالوا: إذًا يغزونا محمد في ما لا قبل لنا به فيوطئنا غلبة، وننزل على حكمه، ونحن الآن في مدة وعلى ديننا. فلقى نوفل بن معاوية فقال: ليس عند القوم شيء. ورجع فلقى عيينة والحارث فأخبرهم وقال: رأيت قومه قد أيقنوا عليه فقاربوا الرجل وتدبروا الأمر. فقدموا رجلًا وأخروا أخرى. (مغازى الواقدي ج ٢ ص ٧٢٩).
-٦ -
غزوة القضية (١) شوال سنة سبع للهجرة
ومن أهم الأحداث ذات الأثر العميق في تغيير مجرى الصراع بين الإِسلام والوثنية لصالح الإِسلام والتي نتج عن القيام بها تحولات في الذهنية القرشية. تصححت بها المفاهيم الخاطئة المترسبة في أذهان القرشيين وغيرهم من العرب المجاورين لمكة والتصورات المغلوطة التي بها يتصورون الإِسلام وأتباعه .. من أهم هذه الأحداث التي نتجت عنها كل هذه التحولات والتصحيحات .. عمرة القضية أو غزوة القضية-كما يسميها أصحاب المغازي والسير.
(١) وتسمى أيضًا عمرة القضاء، وعمرة القضية، وعمرة القصاص. قال في الروض الأنف ج ٢ ص ٢٥٤: وهذا الاسم أولى بها لقوله تعالى {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ}.