لقد وصل على الفور عمر بن الخطاب إلى خيمة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والعباس وأبو سفيان لم يكادا يأخذا مقعدهما من أرض الخيمة. فاضطرب أبو سفيان لرأى الفاروق. وزاده اضطرابًا أن الفاروق وصل الخيمة قبل أن يلتمس العباس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمان لابن عمه أبي سفيان وإنه كلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أن يسمح له بضرب عنق أبي سفيان قبل أن يتقدم العباس بالتماسه.
غير أن العباس، نجح في مسعاه، حيث حصل لأبي سفيان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الأمان الذي وعده به. حصل على هذا الأمان رغم إلحاح الفاروق على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمنحه الإِذن بقتل أبي سفيان.
[المشادة بين الفاروق والعباس في خيمة الرسول]
وقد حدثت مشادة كلامية بين العباس وعمر بشأن أبي سفيان. فقد اتهم العباس بن عبد المطلب عمر بن الخطاب بأنه لم يلحّ في طلب إعدام أبي سفيان، إلا لأنه قريب للعباس. ولكن الفاروق أكد للعباس أن ذلك ليس هو دافعه للحرص على قتل أبي سفيان، وإنما لأنه رأس الكفر في مكة.
فقد جاء في كتب السيرة أن الفاروق عمر لما وصل إلى خيمة النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب في الحال منه أن يسمح له بضرب عنق أبي سفيان قائلًا: يا رسول الله، هذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد، فدعنى أضرب عنقه. فاعترض العباس على هذا الطلب. فقال: يا رسول الله إني قد أجرته. فكرر عمر الطلب آملًا أن يأذن له الرسول في قتل أبي سفيان. وهنا غضب العباس، لأن إعدام أبي سفيان يعني خفر ذمة العباس الذي أخذ أبا سفيان في جواره - والجوار فكأنه الخطير معروف بين العرب - وقال العباس لعمر "محتدًا" مهلًا يا عمر، فوالله ما تصنع هذا إلا لأن أبا سفيان رجل من بني عبد مناف، ولو كان من بني عدى بن كعب "عشيرة ابن الخطاب" ما قلت هذا.
وهنا رد الفاروق على اتهام عم النبي - صلى الله عليه وسلم - له في صراحته المعهودة: مهلا يا عباس فوالله لإِسلامك يوم أسلمت كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وذلك لأنى أعلم أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله