وهذا القول من ابن حزم قد جاء على قاعدته الأساسية في الأخذ بالظاهر، فهو ظاهرى المذهب، لا يرى أي مبرر لصرف النص عن ظاهره ما لم يأت ما يوجب ذلك عن الشارع نفسه، وهو قول (في الحقيقة) أقرب إلى الحق والصواب من جميع الأقوال والأراء التي تخالفه.
ومما تجدر الإشارة إليه (هنا) هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعضًا من أصحابه قد أخروا صلاة الظهر والعصر ولم يصلوها إلا بعد غروب الشمس، وذلك في أحد أيام الخندق العصيبة عندما اشتد زحم المشركين في هجومهم فشغلوا المسلمين طيلة نهارهم ولم يتركوا لهم فرصة يؤدون فيها الصلاة في وقتها، مما أجبر المسلمين على ملازمة مواقعهم الدفاعية، الأمر الذي أدى إلى فوات صلاة الظهر والعصر عليهم.
[تأخير الصلوات لعذر القتال]
وقد ذهب الإمام محمد بن إسماعيل البخاري إلى القول بتأخير الصلاة عن وقتها سواء كانت ظهرًا، أو عصرًا، أو مغربًا أو صبحًا، أو عشاءً (لعذر القتال) وذلك إذا ما اضطرت المعركة الجنود ملازمة مواقعهم، كما حدث في معركة الخندق، وسند البخاري في هذا القول هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته في ذلك اليوم الذي اضطرتهم فيه ظروف القتال إلى تأخير صلاة العصر والظهر والمغرب إلى وقت العشاء.