للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، ووافوا على جُدُر -وله جدر دون جدر- (أي سور خلف سور) فجعلوا يرموننا بالجندل (١) رميًا كثيرًا، ونحّونا عن حصنهم بوقع الحجارة حتى رجعنا إلى موضع الحباب الأول.

ثم إن اليهود تلاومت بينها، وقالت: ما نستبقى لأنفسنا؟ قد قتل أهل الجد والجلد في حصن ناعم، فخرجوا مستميتين ورجعنا إليهم فاقتتلنا على باب الحصن أشدّ قتال.

وقتل يومئذ ثلاثة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو صياح، وقد شهد بدرًا، ضربه رجل منهم بالسيف فأطن قحف (٢) رأسه، وعديّ بن مرة بن سراقة، طعنه أحد اليهود بالحربة بين ثدييه فمات، والثالث، الحارث بن حاطب وقد شهد بدرًا، رماه رجل من الحصن فدمغه، وقد قتلنا منهم على الحصن عدّة، كلما قتلنا منهم رجلًا حملوه حتى يدخلوه الحصن.

مصرع سلَّام بن مشكم:

وفي معارك حصون النطاة لقى سلَّام بن مِشكمَ أحد سادات اليهود من بني النضير وزوج زينب بنت الحارث أخي مرحب التي دسّت السِم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الشاة بغية قتله -كما سيأتي تفصيله إن شاء الله- لقى سلَّام هذا مصرعه أثناء القتال بين المسلمين واليهود في النطاة.

وبالرغم من إشارة المؤرخين إلى أن سلَّام بن مِشكم كان القائد العام لقوات اليهود المحاربة في منطقة النطاة التي شهدت أعنف المعارك بين المسلمين واليهود، وبالرغم من الإشارة إلى أن هذا القائد اليهودى الكبير قد لقى مصرعه في معارك النطاة، فإن أحدًا من المؤرخين -فيما بلغني- لم يذكر أن القائد (سلَّام بن مشكم) قد كان له أي دور حربى يُذكر، بالرغم من أنهم أكدوا أنه قتل في معارك النطاة. إلا أن أحدهم (وهو الإمام الواقدي) قد أعطى تفسيرًا لعدم مباشرة سلَّام بن مِشكم القتال (كزملائه من قادة يهود النطاة مثل مرحب وياسر والحارث وأُسَير ويوشع) وهو أنه كان مريضًا، وبالرغم من مرضه المقعد، لم يترك النطاة حتى قتل، بالرغم


(١) الجندل: الصخر.
(٢) القحف بكر أوله وسكون ثانيه: العظم الذي فوق الدماغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>