للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراوغته وتهربه من إعلان الدخول في الإِسلام، بادر إلى نصحه، بل إلى زجره وتحذيره .. فقد أخبره أن إسلامه سيكون عامل خير وبركة على نفسه وعلى أهل مكة كلها. وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لن يجبره على الإِسلام ولن يمسه بشر بعد أن أعطاه الأمان وما دام في جواره. ولكن عدم دخوله في الإِسلام، سيكون من شأنه جلب المتاعب والويلات لنفسه ولقريش في مكة إذا ما أصروا على الكفر والتفكير في مقاومة الجيش الزاحف.

هكذا كان العباس يوجه صديقه أبا سفيان (بالترغيب والترهيب) نحو الإِسلام، حتى انتهت أخيرًا توجيهاته الخيرة بإقناع سيد قريش أبي سفيان بإعلان إسلامه. فشهد شهادة الحق "شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" (١)، وذلك بين يدي الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - في مقر قيادته داخل المعسكر.

[كيف كان إسلام أبي سفيان عاملا في إحلال السلام بدل الحرب]

وقد تنفس العباس بن عبد المطلب الصعداء عندما أعلن صديقه أبو سفيان بن حرب إسلامه، فقد اقترب العباس من نهاية تحقيق ما يهدف إلى تحقيقه. وهو (في الدرجة الأولى) تجنيب مكة معرة الجيش الغازي، فقد بدا واضحا - بعد إسلام أبي سفيان - أن المسلمين سيدخلون مكة دون أن يضطروا إلى امتشاق الحسام وسفك الدماء. وهذا ما حدث بالفعل.

فقد كان إسلام أبي سفيان عاملًا حاسمًا في تيسير فتح مكة أبوابها للجيش الإِسلامي، دونما أية مقاومة تذكر، حيث ألقى كل القرشيين السلاح، فاستسلموا لجيش الإِسلام، فضمنوا بذلك أرواحهم وأموالهم، ما عدا قلة من المتعصبين المتهورين مثل عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية. أبدوا شيئًا من المقاومة سحقها خالد بن الوليد قائد اللواء الخامس جنوبي مكة.


(١) انظر تاريخ ابن عساكر ترجمة أبي سفيان بن حرب ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨١٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٠، وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>