للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصديق: علامَ تندم؟ قال على قومى أن لا يكونوا نفروا مع محمد. وكان سيد غطفان عندما التحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن معه أحد من قومه غطفان. ما عدا: ثلاثمائة من أشجع الذين كان يقودهم معقل بن سنان ونعيم بن مسعود. أما فَزارة الذين هم عشيرة عيينة بن حصن فلم يكن منهم أحد في الجيش النبوى الزاحف.

[الشجار بين سيدى سليم وغطفان]

وقد أعجب سيد غطفان عيينة بن حصن بالهيئة التي أقبل عليها فرسان بني سليم حيث كان ضمن هيئة أركان حرب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قديد يشهد الاستعراض العسكري الذي قام به خيالة بنو سليم في سهل قُديد. ثم حدثت بعد ذلك مشادة وملاحاة بين عباس بن مرداس قائد فرسان سليم وعيُينة بن حصن. وكان الاثنان أعرابيين لم تفارقهما خشونة الأعراب.

فقد حدَّث عكرمة بن فروخ عن معاوية بن جاهمة بن عباس بن مرداس السلمي، قال: قال عباس لقيته وهو يسير؟ حتى هبط من المشلل في آلة الحرب، والحديد ظاهر علينا، فصففنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى جنبه أبو بكر وعمرت فنادى عيينة من خلفه فقال: أنا عينة! (كأنه يشيد بنفسه). هذه بنو سُليم قد حضرت بما ترى من العدة والعَدد والسلاح. وإنهم الأحلاس الخيل (١)، ورجال الحرب، ورعاة الحدق.

فقال العباس بن مرداس: أقصر أيها الرجل! والله إنك لتعلم لنحن أفرس على متون الخيل وأطعن بالقنا، وأضرب بالمشرفية (٢). فقال عيينة كذبت ولؤمت! لنحن أولى بما ذكرت منك، وقد عرفته لنا العرب قاطبة. فأومأ إليهما النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده حتى سكتا (٣).

وقال عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه: خرجت بنو سليم على الخيول


(١) الأحلاس جمع حلس (بكسر الحاء وسكون اللام) هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب. والمراد هنا لزومهم لظهور الخيل.
(٢) السيوف المشرفية: هي من أجود السيوف كانت تصنع في مشارف الشام وإليها نسبت.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>