وكان الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - يسير على ناقته تحيطه هيئة أركان حربه. وهو بين سيد الأنصار أسيد بن حُضير ووزيره الأول أبي بكر الصديق، يتحدث إليهما حديث القائد لكبار ضباط جيشه.
وكانت كتيبته الخضراء الخاصة قد انتظمت كل قوات الأنصار وعددهم أربعة آلاف مقاتل وكذلك انتظمت بعض المهاجرين، وبعض سادات وزعماء القبائل العربية، في الأنصار الرايات والألوية، مع كل بطن من الأنصار راية، وكانوا كلهم غائصين في الحديد، لا يرى منهم إلا الحدق، وكان في الكتيبة عمر بن الخكتاب له زجل، وعليه الحديد، وقد لفت ارتفاع صوت ابن الخكتاب في الكتيبة نظر أبي سفيان فقال للعباس: من هذا المتكلم؟ فقال: عمر بن الخطاب. قال أبو سفيان: لقد أمرَ أمرُ بني عدى بعد - والله - قلة وذلة. فقال العباس: يا أبا سفيان، إن الله يرفع من يشاء بما يشاء، وإن عمر ممن رفعه الإِسلام.
سعد بن عبادة عدد قريشًا باستباحة حرمتها فيشتكيه أبو سفيان
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثناء المرحلة الأخيرة من الاستعراض العسكري قد أعطى رايته الخاصة سيد الأنصار سعد بن عُبادة فصار يتحرك بها أمام كتيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعندما مر بأبي سفيان صرخ في وجهه: يا أبا سفيان، اليوم يوم اللحمة، اليوم تُستَحَلُّ الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا.
ففزع أبو سفيان لذلك فزعًا شديدًا، إذ أن تهديد سعد هذا فيه تصريح بأن الجيش النبوي سيستبيح مكة وسيقتل أهلها، وهذا خلاف ما اتفق عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبو سفيان أثناء مفاوضات التسليم التي انتهت بالاتفاق على أن يلقى القرشيون السلاح وأن تكون مدينتهم مفتوحة يأمن فيها أهلها على أرواحهم وأموالهم وممتلكاتهم وذراريهم.
ولذلك فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما مر (في هيئة أركان حربه من خاصة أصحابه) ناداه أبو سفيان (محتجًا على تهديدات سعد بن عبادة): يا