للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله، أمرت بقتل قومك؟ زعم سعد ومن معه حين مر بنا قال: "يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستَحَل الحُرمة، اليوم أذل الله قريشًا" وإني أنشدك الله في قومك، فأنت أبرَ الناس، وأرحم الناس، وأوصل الناس.

وقد ضم كبار المهاجرين القرشيين مثل عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، ضمُّوا أصواتهم إلى صوت أبي سفيان مستنكرين قولة سعد بن عبادة، ومعلنين تخوفهم على قريش من سعد وجنوده الأنصار، حيث قالوا: يا رسول الله ما نأمن سعدًا أن يكون منه في قريش صولة. فاستنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقالة سعد. وطمأن الجميع قائلًا: اليوم يوم المرحمَة، اليوم يعظم الله فيه الكعبة، اليوم أعز الله فيه قريشًا، ولم يكتف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا القول بل - ليزيل المخاوف التي علقت بنفس أبي سفيان والمهاجرين من قريش - أمر بعزل سعد بن عبادة من منصبه، وعيَّن مكانه في القيادة ابنه قيس بن سعد وقيل علي بن أبي طالب، وقد أبي سعد أن يعتزل منصبه ويسلم عَلَم الجيش لخلفه إلا بأمارة (أي علامة) من الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فأرسل إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعمامته (أمارة) فعرفها فدفع علم الجيش إلى ابنه سعد واعتزل القيادة.

وبعد أن أكملت آخر مجموعة من القوات الإِسلامية استعراضها أمام أبي سفيان. وانتهى ذلك العرض العسكري الرائع الذي تعمد الرسول القائد الحكيم أن تقوم به قواته أمام سيد قريش وزعيمها أبي سفيان بن حرب، قبل أن يعود إلى قومه في مكة - قال أبو سفيان للعباس الذي كان واقفًا إلى جانبه طوال المدة التي أجرت فيها القوات الإِسلامية المسلحة استعراضها -: سبحان الله، ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيمًا. فقال العباس: ويحك يا أبا سفيان، ليس بملك ولكنها نبوة. قال: فنعم إذن (١) ..


(١) انظر البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٠ وما بعدها، ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨١٨ وما بعدها، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٥ وما بعدها وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٤٦ وما بعدها. وطبقات ابن سعد ج ٢ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٥٤ وزاد المعاد ج ٤ وتاريخ ابن عساكر ترجمة أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>