ومع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلن بكل صراحة ووضوح أنه لا يريد الحرب، فقد أدخل في حسابه احتمال أن تقوم قريش بالعدوان عليه وعلى أصحابه في أيِّ مكان لأنه في حالة حرب معها، ولأنَّها أُمة مشركة لا يمكن أن يأمن المسلمون جانبها حتى وإن كانوا على حالة من النسك هي عنوان المسلمة، لا يجوز (في عرف جميع العرب مسلمين ووثنيين) التعرُّض لمن هو عليها حتى ولو كان في ظروف حربية.
فقد أمر (أولًا) بسر بن سفيان الكعبي ثم الخزاعي بأن يقوم بمهمة الاستخبارات بين قريش للمسلمين، فيجمع المعلومات عنهم وعن نواياهم، وماذا يمكن أن يقولوه أو يفعلوه إذا ما بلغهم أن النبي قد خرج بأصحابه قاصدًا مكة للعمرة.
فقال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبسر بن سفيان: إن قريشًا قد بلغها أني أريد العمرة فخبِّر لي خبرهم، ثم ألقى بما يكون منهم، فتقدم بسر أمامه، ودخل مكة وظل بها يرصد قريشًا ويجمع المعلومات، ولم يخرج إلَّا عندما وصل النبي عسفان حيث لاقاه هناك.
كذلك كوّن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بذي الحليفة - فصيلة من الفرسان لتكون طليعة أمامه ولتقوم بأعمال الاستكشاف حتى مكة، وذلك، تحسُّبًا للطوارئ، وبالرغم من أنَّه سيمر بقبائل إما مسلمة، أَو موادعة (١).
وقد كانت هذه الفصيلة مكوَّنة من عشرين فارسًا فيهم رجال من