للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي وفد بني تميم هذا أنزل الله تعالى: ({إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (١). لأنهم نادوا (وهم في المسجد) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن أخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صياحهم فخرج إليهم وقصتهم وقصة مفاخرة شعرائهم وخطبائهم في المسجد مطولة، انظرها في سيرة ابن هشام وطبقات بن سعد والبداية والنهاية، وكان خطيبهم عطارد بن حاجب، فرد عليه ثابت بن قيس بن الشماس (٢) بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أما شاعرهم، فكان الزبرقان بن بدر، ورد عليه حسان بن ثابت بأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد اعترفت تميم أن خطيب النبي أخطب من خطيبهم وشاعره أشعر من شاعرهم (انظر سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٢٠٦ إلى ٢١٣).

- ٤ -

[وفد عبس]

كذلك وفد على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفد بني عبس من نجد، وفد تسعة رهط منهم، فيهم ميسرة بن مسروق وبشر بن الحارث بن عبادة، فأسلموا، فدعا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخير، وقال: أبغونى رجلًا يعشركم أعقد لكم لواءًا، فدخل طلحة بن عبيد الله، فعقد لهم لواءًا وجعل شعارهم يا عشرة.

وبعد أن أسلموا قدم ثلاثة منهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إنه قدم علينا قراؤنا فأخبرونا أنه لا إسلام لمن لا هجرة له، ولنا أموال ومواش هي


(١) الحجرات: آية ٤.
(٢) هو ثابت بن قيس بن الشماس بن زهير بن مالك الخزرجى الأنصاري، كانت أول مشاهده الحربية معركة أحد، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشره بأنه من أهل الجنة "أسد الغابة ج ١ ص ٢٢٩". كان من أبطال معركة اليمامة، أبلى فيها بلاء عظيمًا فقاتل قتال الأبطال، عندما كانت الهزيمة أول الأمر في المسلمين، واستشهد يوم اليمامة .. قال أنس بن مالك، لما انكشف الناس يوم اليمامة قلت لثابت بن قيس بن شماس: ألا ترى يا عم، ووجدته يحنط. فقال: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بئس ما عودتم أقرانكم وبئس ما عودتم أنفسكم، اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني الكفار المرتدين، وأبرأ إليك مما يصنع هؤلاء يعني المسلمين، ثم قاتل حتى قتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>