للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحرك من الحجون عبر الوادي غير ذي الزرع، متجهًا نحو الكعبة لينهى فيها آخر مظهر من مظاهر الوثنية التي استمرت تدنسها عدة آلاف من السنين.

وعندما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكعبة كبَّر وكبر معه المسلمون، واشتد حماس المسلمين فواصلوا تكبيرهم حتى أشار إليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن اسكتوا (١).

وكانت لحظة تاريخية أشرق عندها وجه الإِنسانية في تلك اللحظة التي دخل فيها محمد بن عبد الله وأصحابه المسجد الحرام. هذا الدخول الذي به تحقق وعد الله الذي لا يخلف الميعاد .. {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (٢٧) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (٢).

[الرسول يطوف بالبيت على ناقته القصواء]

وعندما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجيشه المسجد، كان أول شيء بدأه الطواف بالبيت، وكان لشدة الزحام ولكونه راكبًا الناقة أثناء الطواف. يستلم الركن الذي فيه الحجر الأسود بالمحجن (٣) وقال موسى بن عقبة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الطواف صلى ركعتين ثم انصرف إلى زمزم فاطلع فيها، ودعا بماء فشرب منها وتوضأ والناس يبتدرون وضوءه، والمشركون


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٣١.
(٢) سورة الفتح آية ٢٧، ٢٨، ٢٩.
(٣) المحجن (بكسر أوله وفتح ثانيه) عصا طويلة ذات رأس معقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>