ومع إيماننا الكامل بكل ما ذكرنا وتسليمنا المطلق بعدالة ذلك الحكم الذي صدر بحق يهود بني قريظة ونفذ فيهم، فإننا مستعدون لمناقشة المعترضين الطاعنين في هذا الحكم، وأَن نُثبِت لهم شرعية ووجاهة هذا الحكم, ومطابقته لكل قواعد العدالة التي يلتزمها القضاءُ والحكم في كل عصر وزمان، وحتى زمن القرن العشرين، وأنه يتمشى كل التمشي مع قواعد الإِنسانية وأن ليس فيه أي تنافر مع إحساسات الضمائر الحية والوجدانات المستقيمة. ولنبدأ المناقشة:
[طبيعة اليهود الأبدية]
لقد أَثبتت مجريات الأحداث - منذ وصول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى منطقة يثرب - أَن هؤلاءِ اليهود بل كل يهود يثرب على أمر مبيت للكيد للنبي - صلى الله عليه وسلم - والقضاءِ عليه وعلى دعوته بأية وسيلة مهما بلغت من الخسّة والوضاعة.
وأن الغدر والخيانة واستحلال دماء وأعراض وأموال كل من يخالف اليهود في دينهم ولا ينحدر من جنسهم, قاعدة عامة ثابتة لديهم، وطبيعة خبيثة متأَصلة في نفوسهم وسابحة في دمائهم. لا تلبث أن تظهر وتبرز وتتجلى عندما تسنح لهم الفرصة. فيسيرون على هذه القاعدة اللعينة. حتى ولو كانوا قد أعطوا ألف عهد ووقعوا ألف ميثاق.
[المعاهدة بين المسلمين واليهود]
عندما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يثرب ودان أهلها من الأوس والخزرج