وبعد أن تمت كل الإِجراءات الخاصة باعتناق ثقيف الإِسلام، كتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينهم كتابهم وعيَّن أميرهم، غادروا المدينة قاصدين بلادهم الطائف ليعلموا قومهم بنتيجة محادثتهم ويدعونهم إلى الدخول في الإِسلام.
وقد لاقى رجال الوفد الثقفى من قومهم في الطائف بعض المتاعب وشيئًا من المقاومة فلم يتقبلوا الإِسلام بسهولة، ولكن رجال الوفد اطمأنوا من نفارهم ولا ينوهم وروّضوهم حتى تم التغلب على كل المتاعب، ودخل الثقفيون في الإِسلام جميعهم.
[هدم الطاغية اللات وما صاحبه من متاعب]
كان إسلام ثقيف في السنة التاسعة الهجرية آخر مسمار دق في نعش الوثنية في منطقة الحجاز وغربى نجد حيث تسكن قبائل هوازن العظيمة والكثيرة العدد. حيث لم يعد للوثنية أي وجود في هذه المناطق.
لقد كان يومًا مشهودًا ذلك اليوم الذي تحطم فيه صنم ثقيف (اللات) وهو صنم قد اتخذته ثقيف إلهًا من دون الله ليقرِّبها إلى الله زلفى.
وقد جاء ذكر هذا الصنم في كتاب الله العزيز، فقال تعالى {أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إلا أَسْمَاءٌ سَمَّيتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (١).
[تاريخ اللات ومن هو]
ومن الجدير بالذكر أن اللات هو اسم رجل صالح، كان منذ القدم -قد أتخذ له مكانا طريق الحاج يطعم فيه المحتاجين من الحجاج عندما يمرون به، وكان يلتُّ لهم السويق (أي يعجنه) بنفسه، ويطعمهم تقربًا إلى الله تعالى، ولهذا أطلق عليه لقب (اللات) نسبة إلى قيامه بلت العجين.
كان اللات يفعل المعروف هذا والناس على الحنفية دين إبراهيم - عليه السلام -، فلما مات هذا الرجل الصالح (اللات) اتخذ قومه على قبره مشهدا فصاروا