للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختلفون إليه للتكريم والتبرك، وبمرور الزمن وتكاثف الجهل وتفلّت الناس من الحنفية دين إبراهيم - عليه السلام - تحوَّل اللات إلى صنم يُعْبَد من دون الله (١) بالدعاء والطواف والتقديس والذبح والنذر، لا بالاعتقاد أن اللات يخلق أو يرزق أو يحيى أو يميت، وإنما بالاعتقاد أنه لقربه من الله (بزعمهم) يتوسط لهم عند الله على أساس قاعدتهم التي أشار إليها القرآن {مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٢).

ولقد روى الإِمام ابن جرير الطبري بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: {أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} قال: كان يلتُّ لهم السويق (٣) فمات فعكفوا على قبره، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: (كان يلت السويق للحجاج) وعن سعيد بن منصور: (فيطعم من يمر من الناس فلما مات عبدوه، وقالوا: هو اللات) (٤).

كان اللات أكبر الأوثان عند العرب (٥). وقال الإمام هشام الكلبى في كتابه (الأصنام): واللات بالطائف، هو أحدث من مناة، وكان صخرة مربعة، وكان يهودى يَلتُّ عندها السويق، وكانت سدنتها من ثقيف بنو عتّاب بن مالك، وكانوا قد بنوا عليها بناءً وكانت قريش وجميع العرب تعظِّمها، وبها كانت العرب تسمّى (زيد اللات وتيم اللات)، وكانت في موضع منارة مسجد الطائف اليسرى اليوم (أي في عهد الكلبى)، وهو الذي ذكره الله في القرآن فقال: {أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}.

وله يقول عمرو بن الجعد:

فإني وتركى وصلَ كأس كالذي ... تبرأ من لات وكان يدينُها


(١) انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص ٢٤٨ مطبعة السنة المحمدية، وانظر كتاب الأصنام للإمام الكلبى ص ١٦ وما بعدها.
(٢) سورة الزمر آية ٣.
(٣) السويق: دقيق الحنطة أو الشعير. وله: بله بالماء أو السمن، والحاج بمعنى الحجاج.
(٤) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص ٢٤٩.
(٥) فتح المجيد ص ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>