للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله يقول المتلمس في هجائه عمرو بن المنذر:

أطردتنى حذَرَ الهُجاء ... واللات والأنصاب لا تئل

فلم تزل كذلك حتى أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار. وفي ذلك يقول ابن عارض الجُشَمى حين هُدِّمت وحُرِّقت ينهى ثقيفًا عن العود إليها والغضب لها.

لا تنصروا اللاتَ إنَّ الله ملكُها ... كيف نصركموا من ليس ينتصرُ

إنَّ التي حرقت بالنار فاشتعلت ... ولم تقاتِل لدى أحجارها هَدَرُ

إن الرسول متى ينزل بساحتكم ... يظعن وليس بها من أهلها بَشرُ

وقال أوس بن حجر يحلف باللات.

وباللات والعزّى ومن دانَ دينَها ... وبالله إن الله منهن أكبر (١)

كان صنم اللات أعظم أصنام العرب شأنًا في نفوس ثقيف خاصة والعرب عامة، وكأننا قد مرَّت آلاف السنين والأعراب في الطائف يتوارثون تقديس وتعظيم هذا الصنم جيلًا بعد جيل، وكان وفد ثقيف الذي ذهب إلى المدينة برئاسة عبد ياليل يعرف ما لهذا الصنم الطاغية من منزلة في نفوسِ ثقيف الذين قتلوا سيدهم عروة بن مسعود لأنه عندما عاد من المدينة مسلمًا لم يحلق رأسه عند هذا الصنم كما هي عادتهم، بل رفع شعار التوحيد وهو الأذان.

وحتى بعد أن أسلم رجال الوفد في المدينة وحسن إسلامهم فقد كانوا يتصورون الصعوبات التي سيلاقونها لإِقناع قومهم باعتزال الصنم اللات والقبول بتحطيمها كشرط أساسى لصحة إسلامهم.

لهذا كان وفد المفاوضة من ثقيف (وهو يفاوض الرسول - صلى الله عليه وسلم - للدخول في الإِسلام) أفصح عن تخوّفه من التحطيم الفورى للطاغية (اللات) وكان هذا التخوّف ناتجًا عَمَّا يتوقعونه من النقمة التي سيتعَرضون لها من جماهير ثقيف


(١) كتاب الأصنام ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>