إن هم رأوا زعماءهم من رجال الوفد، يعودون من المدينة وهم يحملون مشروع تحطيم اللات التي ظلت إلهًا عبر آلاف السنين.
لذا طلب عبد ياليل وبقية أعضاء وفده، طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يسمح ببقاء (اللات) ويتجاوز عن بقائها لمدة ثلاث سنوات، على أساس أن يسعى زعماء ثقيف خلالها للتطمين من نفار نفوس الثقفيين وترويضها حتى يدخلوا في الإسلام ويرضوا (بدون متاعب) بتحطيم (اللات) صنمهم الأكبر.
غير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي ما جاء إلا لمحو كل أثر من آثار الوثنية رفض طلب الوفد الثقفى وأصر (إقامة للتوحيد) على أن يهدم صنم اللات في الحال وبمجرد التمكن من هدمه، لأن بقاء هذا الصنم يبقى ما له من تقديس في نفوس جاهير ثقيف، وهذا لا يساعد على نشر الإِسلام بينهم، بل على العكس يشكل عائقًا كبيرا في هذا السبيل.
ولأن السماح (من جهة أخرى) ببقاء هذا الصنم مع وجود سلطان الإسلام على ثقيف، يعني موافقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أن تمارس طقوس الشرك إلى جانب قيام التوحيد، وهو تناقض ترفضه طبيعة الإِسلام وأبى القبول به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو في أشد أيام محنته عندما كان بمكة قبل الهجرة في قلة قليلة جدًّا من أصحابه، وعندما لم تكن له أية قوة عسكرية تقف إلى جانبه، فكيف يوافق (إذن) علي هذا التناقض وقد دانت كل الجزيرة العربية وأصبحت كلها عسكرًا للتوحيد.
لهذا رفض الرسول - صلى الله عليه وسلم - السماح ببقاء اللات، وأصر على أن أول عمل يجب أن يتم عند عودة وفد ثقيف إلى الطائف هو تحطيم صنم (اللات) فلم يسع الوفد الثقفى (وقد دان بالإسلام إلا أن يوافق على ذلك).
إلا أن رجال الوفد الثقفى تقدموا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتماس يطلبون فيه إعفاءهم من أن يحطموا صنم اللات وبقية الأصنام بأيديهم، ولما لم يكن في تحقيق هذا الطلب أي أثر صار على دعوة التوحيد أو على إسلام رجال الوفد، فقد وافق الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوفد الثقفي على التماسهم قائلًا: (أما كسر أوثانكم