للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأيديكم فسنعفيكم منه (١)، وقال أنا آمر أصحابي أن يكسروها).

وقد عاد الوفد الثقفى إلى الطائف، بعد أن أعلنوا دخول ثقيف في الإِسلام، أما مهمة تحطيم اللات وبقية أصنام ثقيف فقد أوكلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة الثقفى، وقد توجه أبو سفيان والمغيرة إلى الطائف لتنفيذ أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشأن هدم الطاغية اللات وبقية الأصنام.

وعندما وصلا الطائف طلب المغيرة من أبي سفيان أن يتقدم ويشرع في هدم (اللات) ولكنَّ أبا سفيان -وقد علم ما أصاب عروة بن مسعود على يد قومه حين قتلوه لما لم يقدّس اللات- طلب هو من المغيرة أن يبدأ هو الهدم قائلًا: (ادخل على قومك أنت (٢)) فاتجه المغيرة بنفسه إلى صنم قومه اللات يصحبه بضعة عشر رجلًا، ليتولى نسف اللات وما حولها من أبنية تابعة لها، فوجد المغيرة حشدًا كبيرًا من عامة ثقيف حول صنم (اللات)، ولكنهم عندما شرع الغيرة في هدم اللات، لم يبدوا أية مقاومة مسلحة، إلا أن بني معتّب من ثقيف (قوم المغيرة) حاولوا إقناعه بعدم توريط نفسه في هدم اللات، فنصحوه بأن لا يُقدِم على الهدم خوفًا عليه (بزعمهم) من أن يُصيبه مكروه من ذلك الصنم، لما بقى في نفوسهم من رواسب الاعتقاد الجاهلى في هذا الصنم.

إلا أن المغيرة (وهو المكين في الإِسلام) سخر من تحذير قومه السخيف، ثم حمل المعول -أمام الجماهير المحتشدة- وتسلق- بناية صنمهم (اللات) حتى بلغ رأسه والعامة لا تشك- لما في نفوسهم من اعتقاد وثنى في اللات- في أن اللات ستدافع عن نفسها، فتطيح بالمغيرة وتقضى كل حياته، إلا أن شيئًا من ذلك لم يحدث، فقد أخذ المشاهدون ينظرون إلى المغيرة بن شعبة في ذهول، وهو يضرب ذلك الصنم الذي يُعبَدُ من دون الله في الطائف آلاف السنين، فيهدمه حجرًا حجرًا، حتى أتى عليه من القواعد دون أن يناله أىُّ مكروه.


(١) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٨٥ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٦٨.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>