وإنما جاءوا (أول الأمر) على شكل بدو رحل وكان مجيئهم (على أقرب الأقوال إلى الصواب) في القرن الثاني للميلاد، فاستوطنت عشائرهم أول الأمر المناطق الجنوبية من الشام والمتاخمة لجزيرة العرب والمسماة (بمشارق الشام). ونزلوا البادية.
[خضوع غسان لملوك قضاعة من الحميريين]
وصادف أن الغساسنة جاءوا إلى الشام (وهم عن كهلان بن سبأ كما تقدم). . جاءوا إليها والسيطرة الفعلية على مشارفها لجيل من إخوانهم القحطانيين - تنوخ والضجاعم - وهم من أبناء (حمير بن سبأ) أبناء عمومة الغساسنة، والمنافسون التقليديون لهم في الملك حتى في اليمن. .
وكان الغساسنة - بحكم انتمائهم إلى ملوك مأرب وأنهم كما يسميهم الإِخباريون - "رهط الملوك" عندما استقر بهم المقام في مشارف الشام الجنوبية - وكانوا دونما شك عنصرًا محاربًا ذا قدرة قتالية ممتازة - كانوا عندما استقر بهم المقام في مشارف الشام حاولوا أن ينتزعوا (بقوة السلاح) ما بأيدى أبناء عمهم الحميريين من سلطان هناك بعد أن طالبوهم بالأتاوات فقاومهم أبناء عمهم القضاعيون، فدارت الحرب بينهم (دونما أي تدخل من الرومان الذين كانت الشام في حقيقتها آن ذاك مرتبطة بالتاج البيزنطى لأنَّ الرومان كانوا وقت الصراع بين الغساسنة والقضاعيين في شغل شاغل بمحاربة الفرس) ثمَّ آل أذينة من أهل تدمر.
وكان القضاعيون لا يقلون عن رهط الملوك من الغساسنة من حيث الطموح والشجاعة والقدرة القتالية حيث كانوا هم أيضًا جيلًا محاربًا ممتازًا، أليسوا هم كذلك من نسل ملوك حمير؟ رحلوا قبل الغساسنة من جنوب الجزيرة العربية (اليمن) وغلبوا على مشارف الشام بقوة السلاح؟
لذلك قاوم القضاعيون أبناء عمهم الغساسنة حتى قهروهم وتغلبوا عليهم إلى درجة ألزموهم معها أن يدفعوا لهم الأتاوة (الجزية) كدليل على خضوعهم لهم.
وبعد أن دارت الدائرة على غسان أقروا بالصغار لقضاعة في مشارف