للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكأنه ليثُ على أشباله ... وسط الهباء (١) خادِرُ (٢) في مرصد (٣)

إسلام صفوان بن أمية (٤)

كان صفوان بن أمية الجمحى سيدًا من سادات قريش وذوى العقول الراجحة، وكان من زعماء قريش الذين أولاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - اهتمامًا خاصًّا وقال: إنه يربأ بهم عن أن يظلوا على الشرك. وعندما حرر الجيش النبوي مكة أعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأمان، ثم منحه مهلة أربعة أشهر ليقرر بمحض إرادته ما إذا كان يريد الدخول في الإِسلام.

وقد خرج صفوان (وهو مشرك ضمن الجيش النبوي إلى حنين، ورغم بقائه على شركه فقد كان مواليًا للجيش النبوي يتمنى له النصر على مشركى هوازن، بدليل أنه لما بشره بعض المنحرفين القرشيين بانهزام المسلمين، انتهره صفوان وزجره وقال له: اسكت فض الله فاك، لأن يربنى (أي يكون ملكًا عليَّ) رجل من قريش أحب إلى من أن يربّنى رجل من هوازن (٥).

وظل صفوان (على شركه) ضمن الجيش النبوي، لم يأت أيَّ عمل مشين ضد المسلمين، بل كان كثيرًا (بعد النصر) ما يتجول مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتفقد الغنائم وأحوال السبى، وقد أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على شركه- من الخمس مائة من الإِبل.

وذكر بعض المؤرخين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بينما كان يطوف على الغنائم بالجعرانة، ومعه صفوان بن أمية، إذ مر بشعب مما أفاء الله على المسلمين، فيه غنم وإبل ورغاؤها مملوء، فأعجب صفوان وجعل ينظر إليه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعجبك أبا وهب؟ قال: نعم. قال: هو لك وما فيه، فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا نفس أحد قط إلَّا نبيّ، وأشهد أنك رسول الله، وأسلم


(١) الهباءة. قال في شرح أبي در: الغبرة.
(٢) الخادرى: الداخل في خدره، والخدر هنا غابة الأسد.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦١ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٥٥ - ٩٥٦ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ١٣٣ - ١٣٤ وأسد الغابة ج ٤ ص ٢٨٩ - ٢٩٠.
(٤) انظر ترجمة صفوان بن أمية في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(٥) أسد الغابة ج ٣ ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>