للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيف باتر سله الله على المشركين، فصار يشن عليهم الغارات صادقًا مخلصًا للإسلام، حتى دوخهم، وخاصة قومه ثقيف، فصار جهاده من أكبر العوامل التي مهدت الطريق لسلطان الإسلام كى يبسط ظله على ثقيف التي ظلت حتى السنة التاسعة للهجرة مستعصية تقاوم الدعوة الإسلامية وتحاربها بكل شراسة وعناد.

قال الواقدي: واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالك بن عوف على من أسلم من قومه ومن تلك القبائل حول الطائف من هوازن. وفهم، فكان قد ضوى إليه قوم مسلمون، وعقد له لواء، فكان يقاتل بهم، ولا يخرج لثقيف سرح (١) إلا أغار عليه، وقد رجع حين رجع وقد سرح الناس مواشيهم، وأمنوا فيما يرون حيث انصرف عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان لا يقدر على سرح إّلا أخذه، ولا على رجل إلا قتله، فكان قد بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخمس مما يغير به، مرة مائة بعير ومرة ألف شاة، ولقد أغار على سرح لأهل الطائف فاستاق ألف شاة في غداة واحدة. فقال أبو محجن بن حبيب.

تهاب الأعداء جانبنا ... ثم تغزونا بنو سلمه

وأتانا مالك بهمو ... ناقضًا للعهد والحُرُمَه

وأتونا في منازلنا ... ولقد كانوا أولى نقمه

وقال مالك بن عوف شعرًا يمتدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو:

ما إن رأيت ولا سمعتُ بمثله ... في الناس كلّهمو بمثل محمدِ

أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى ... ومتى تشأ يُخْبِرْك عمَّا في غد

وإذا الكتيبة عرَّدت أنيابها ... بالمشرفيِّ (٢) وضرب كل مهندِ (٣)


(١) السرح (بفتح السين وسكون الراء): ما يسرح من الماشية في المراعي من الإبل والشاء والخيل وغير ذلك.
(٢) المشرفى السيف. قال أبو عبيدة: نسبت السيوف المشرفية إلى مشارف، وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، وقيل: هي في جنوب الشام قرب حدود الجزيرة العربية.
(٣) المهند: السيف المطبوع من حديد الهند.

<<  <  ج: ص:  >  >>