ونتيجة لهذه التحريضات والتأكيدات التي تلقاها اليهود تشجعوا وقرروا الثبات والمقاومة لاسيما بعد أن انضم إليهم إخوانهم من بنى قريظة وأعلنوا الحرب معهم ضد المسلمين (١). ثم أرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من يبلغه رفض إنذاره قائلين .. إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك. ثم أخذوا يتحصنون في معاقلهم، فأقاموا المتاريس والخنادق في شوارعهم للاحتماء بها، وأخذوا ينقلون الحجارة إلى أسطحة المنازل لقذف المسلمين بها إن هم هاجموها، كما اختزنوا في حصونهم من المؤن الغذائية ما يكفيهم لمدة سنة كاملة، أما الماء فقد كان متوفرًا لديهم داخل حصونهم حيث توجد لديهم آبار كثيرة داخل هذه الحصون.
[ضرب الحصار على بني النضير]
ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - رفض اليهود إنذاره لم ير بدًا من ضرب الحصار عليهم فأعلن التعبئة وأصدر أوامره بالزحف على معاقلهم.
وقد تحركت القوات الإسلامية من المدينة بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه وضربت الحصار على حصون بنى النضير وقلاعهم التي اعتصموا بها.
وقد كانت هذه القلاع والحصون على غاية من المناعة والتحصين، وقد استفاد منها اليهود استفادة كبيرة في المقاومة.
(١) لم يذكر ابن إسحاق أن بنى قريظة حاربوا الرسول صلى الله عليه وسلم مع إخوانهم بنى النضير، ولكن الإمام البخاري أكد ذلك في صحيحه، قال السمهودى في كتبه وفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٤ .. وفي البخاري ما يقتضي أن قريظة كانوا قد حاربوا قبل ذلك مع بنى النضير، ولفظ البخاري: عن ابن عمر قال: حاربت النضير وقريظة فأجلى بنى النضير وأقر قريظة ومن عليهم، حتى حاربت قريظة (أي مرة ثانية) فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين الخ.