للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوار المستضعفين في العيص (١).

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عقب إبرامه صلح الحديبية التاريخي مع مشركى قريش في أواخر السنة السادسة من الهجرة، قد واجه امتحانًا شديدًا، تألم له المسلمون أشد الألم، وهو أن الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - قد اضطر (وهو لا يزال في بطاح الحديبية) إلى أن يسلم الشاب المسلم الصالح (أبا جندل بن سهيل بن عمرو) إلى أبيه سهيل المشرك، على كره منه - صلى الله عليه وسلم - ومن أصحابه، لأن بنود صلح الحديبية تلزمه بذلك (٢) والوفاء بالعهد لأى كان من أهم أسس قواعد الأخلاق في الإِسلام، فليُسلَّم (إذن) أبو جندل المسلم إلى أبيه المشرك، لأن ذلك (على ما فيه من إثارة أعاصير من الآلام في نفوس المسلمين) أمر لا بد للنبي - صلى الله عليه وسلم - من فعله، وفاءًا بما أعطى للمشركين من تعهد في صلح الحديبية.

[امتحان آخر يواجهه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عقب صلح الحديبية.]

غير أن امتحان الحديبية لم يكن الأخير. فعندما وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ولم يكد يستقر به المقام فيها عقب إبرام هذا الصلح. حتى واجه امتحانًا آخر. لا يقل صعوبة عن الامتحان الذي واجهه في بطاح الحديبية.

لقد كانت سجون مكة تعج بعشرات الشباب القرشيين الذين اختاروا لهم الإِسلام دينا. فغضب أهلوهم لذلك. فقاموا باعتقالهم وزجُّوا بهم في السجون والمعتقلات. بعد أن عجزوا عن إقناعهم بالارتداد عن الإِسلام إلى الوثنية.


(١) العيص بكسر العين .. ما تكاثف وتشابك من الشجر، وهو -كما قال ياقيت في معجمه - ناحية ذي المروة على ساحل البحر الأحمر.
(٢) انظر تفاصيل قصة أبي جندل المؤثرة في كتابنا الخامس من هذه السلسلة (صلح الحديبية).

<<  <  ج: ص:  >  >>