بالرغم من أن معارك حصن ناعم هي أعنف معارك خيبر على الإِطلاق، إلا أن عامة المؤرخين في أمَّهات التاريخ لم يعطوا وصفًا مفصلًا متناسقًا مترابطًا للقتال عند هذا الحصن، بل كان وصفهم وصفًا مبعثرًا غير مترابط.
ولعل أحسن وصف في كتب التاريخ وأقربه إلى التنسيق هو الوصف الذي جاء في مغازى الواقدي التي نشرتها جامعة أكسفورد بتحقيق الدكتور مارسدن جونس.
ولأهمية هذا الوصف بالنسبة للقارئ فإنا سنورده هنا بالرغم من أننا قد ذكرنا نبذًا منه التقطاها بصعوبة من هنا وهناك في أمَّهات التاريخ.
قال الواقدي (يصف معركة حصن ناعم): فلقد انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حصن ناعم ومعه المسلمون -وحصون ناعم عدَّة- فرمت اليهود يومئذ بالنبل، وتَرس أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله، وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ذرعان ومغفر وبيضة، وهو على فرس يقال له: الظرب، في يده قناة وتُرْس، وأصحابه محدقون به، وقد كان دفع لواءه إلى رجل من أصحابه من المهاجرين، فرجع ولم يصنع شيئًا ثم دفعه إلى آخر فرجع ولم يصنع شيئًا، ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لواء الأنصار إلى رجل منهم، فخرج ولم يعمل شيئًا، فحث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين، فسالت كتائب اليهود أمامهم أبو زينب يقدم اليهود يَهُدّ الأرض هدًّا، فأقبل صاحب راية الأنصار، فلم يزل يسوقهم حتى انتهوا إلى الحصن فدخلوه، وخرج أُسَير اليهودى يقدم أصحابه معه عاديته (١)، وكشف راية أصحاب الأنصار حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موقفه، ووجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفسه حدة شديدة، وقد ذكر لهم الذي وعدهم الله، فأمسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهمومًا.