لهؤلاء الفقراء من مستلزمات القتال شيء كالسلاح والإعاشة ووسائل النقل، وجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أثرياء الصحابة وميسورى الحال نداء بأن يتصدقوا بما تسخو به نفوسهم من أموالهم لسد احتياجات الراغبين في الجهاد، من الذين لا يجدون (في أموالهم الخاصة) ما يوفر لهم ما يحتاجونه في هذه الرحلة القتالية الشاقة الطويلة التي تستغرق ذهابًا وإيابًا حوالي شهر كامل.
وما كاد الأغنياء وميسورو الحال من الصحابة يتبلغون نداء الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحاث على التصدق والتبرع لإكمال تجهيز الغازى هذا حتى تسابقوا إلى ميدان التبرع والتصدق طمعًا فيما عند الله تعالى من ثواب.
وكان التبرع من هؤلاء الكرام البررة على أعلى مستويات السخاء، فتم للرسول - صلى الله عليه وسلم - -وفي وقت وجيز- جمع أموال عظيمة من المتصدقين، تمكن بهذه الأموال من تموين الجيش وإكمال تجهيزه، حيث بهذه الأموال وفرّ الإعاشة ووسائل النقل والأسلحة للذين لا يقدرون على أن يوفرّوها لأنفسهم من مالهم الخاص.
وكان أعظم المتصدقين المتبرعين سخاء من الصحابة لتجهيز الجيش هذا، عثمان بن عفان، فقد ضرب أعلى رقم قياسى في البذل والسخاء في سبيل الله بماله، تولى وحده تموين وتجهيز ثلث الجيش من ماله الخاص. أي أن عثمان قام وحده بتجهيز عشرة آلاف من ماله الخاص الحلال، وكان عثمان تاجرًا ناجحًا.
أي إيمان عظيم جعل صاحبه يذهب في الكرم وحبّ الخير إلى أن ينفق بسخاء وطيب خاطر كل هذه النفقات العظيمة (عشرة آلاف مجاهد يمونهم ويجهزهم بكل ما يحتاجونه من ماله الخاص؟ ) .. تضحية ما بعدها تضحية، وسخاء -باعثه الإيمان- ما بعده سخاء جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - تقديرًا لهذا الكرم العظيم- أن يقول مبشرًا عثمان أن الله قد رضي عنه:(ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا).
وقد روى أصحاب السير والمغازى، كل حسب سنده وروايته يصفون حملة التبرعات التي قام بها الصحابة لتموين الجيش في هذه الغزوة (غزوة