فصدع عمرو بالأَمر. وما هي إِلا أَيام قلائل حتى كان وصاحبه بمكة إِلا أَنهما لم يتمكنا من اغتيال أَبي سفيان إِذ اكتشف أَمرهما بمجرد وصولهما مكة.
قال ابن إِسحاق: فخرج عمرو وصاحبه حتى قدما مكة ليلًا. فقال جبار لعمرو: لو أَنا طفنا بالبيت وصلينا ركعتين؟ فقال عمرو: إِن القوم إِذا تعشوا جلسوا بأَفنيتهم (تعبيرًا منه عن خوفه من أَن يكتشفوهم قبل أَن يقتلوا أَبا سفيان). فقال جبار: كلا إن شاءَ الله.
قال عمرو: فطفنا بالبيت، وصلَّينا ثم خرجنا نريد أبا سفيان، فوالله إِنا لنمشي بمكة إذ نظر إِليَّ رجل من أَهل مكة (قال ابن سعد: هو معاوية بن أَبي سفيان) فقال عمرو بن أُمية الضمري: إِنْ قدمها (أَي ما قدمِها) إِلَّا لشرّ، فقلت لصاحبي النَّجاءَ: فخرجنا نشتد حتى صعدنا في جبل وخرجوا في طلبنا حتى إِذا علونا الجبل يئسوا منا، فرجعنا فدخلنا كهفًا في الجبل فبتنا فيه، وقد أَخذنا حجارة فرضمناها دوننا.
فلما أَصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسًا له ويخلي عليها. فقلت: إِن رآنا صاح بنا فأَخذنا فقتلنا. قال: ومعي خنجر قد أَعددته لأَبي سفيان، فأَخرج إِليه فأَضربه على ثديه ضربة. وصاح
(١) هو جبار بن صخر بن أمية بن خنساء الأنصاري، قال موسى بن عقبة في مغازيه إنه شهد بيعة العقبة، وكان (بعد عبد الله بن رواحة) يحرص على أهل خيبر، وقد روى ابن السكن أن جبار بن صخر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إننا نهينا عن أن نرى عوراتنا، توفي جبار بن صخر في خلافة عثمان عن ٦٢ عامًا.