للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام -وبطنه مشدود بحجر (من الجوع) - ولنا ثلاثة أيام لا نذوق ذوقًا، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - المعول فضرب، فعادت (أي الكدية) كثيبًا أهيل.

وعند أحمد والنسائي، فاشتكينا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء فأخذ المعول فقال: بسم الله، فضرب ضربة فنثر ثلثها، وقال: والله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثًا آخر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، وإى والله لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكانى الساعة أهـ.

وهذا القول النبوى الكريم أثبتت الأحداث (فيما بعد) صدقه فصار من أعلام النبوة التي لا تخطئ، فقد تم استيلاء المسلمين على كل الأماكن التي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند تفتيت هذه الصخرة في الخندق- أنه أعطى مفاتيحها (الشام واليمن وفارس بعاصمتها المدائن وقصرها الأبيض) وتم فتح كل ذلك في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر.

وبالرغم من الهول وجو الرعب والفزع الذي يحيط المنطقة التي أصبحت كلها اذان في انتظار وصول جيوش الأحزاب التي سبقتها سيول من التخويف والترويع لأهل المدينة، بالرغم من ذلك كله، فقد كان المسلمون يعملون في حفر الخندق بثقة واطمئنان وثبات، قدوتهم الكبرى في ذلك نبيهم الأعظم - صلى الله عليه وسلم - الذي (هو بينهم يعمل) يتبسط معهم في الحديث، ويداعب ويمازح في روح حلوة حانية لا يقول صاحبها إلا حقًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>