ومما يدل على أن المسلمين كانوا عند حفر الخندق في ظروف معيشية صعبة، وفي حالة مجاعة شديدة ما رواه ابن إسحاق عن سعيد بن مينا أنه حدث: أن ابنة لبشير بن سعد -أخت النعمان بن بشير- قالت دعتنى أمى عمرة بنت رواحة، فأعطتنى حفنة من تمر في ثوبى، ثم قالت: أي بنية، أذهبى إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما.
قالت: فأخذتها، فانطلقت بها فمررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألتمس أبي وخالى فقال: تعالى يا بنية ما هذا معك؟ قالت: فقلت: يا رسول الله، هذا تمر بعثتنى به أمى إلى أبي بشير بن سعد، وخالى عبد الله بن رواحة يتغديانه.
قال: هاتيه، قالت: فصببته في كفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له، ثم دعا بالتمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: أصرخ في أهل الخندق: أن هلم إلى الغداء، فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
وبالإضافة إلى حالة المجاعة الشديدة التي كان عليها المسلمون عند حفر الخندق، كان البرد قارصًا والرياح شديدة مزعجة.
قال البخاري روايًا عن سهل بن سعد قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكتافنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة.