للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَيُّ إجحاف بحق المسلمين في الموافقة على هذا التأْجيل، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أَن هذا التأْجيل البسيط كان سببًا رئيسيًا في حفظ مئات -بل آلاف الأَرواح- يمكن أَن تُزهق من الفريقين لو لم يوافق النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا التأْجيل وأَصرّ على اقتحام مكة بالقوة.

ثم ما هو الفرق بين أن يحصل الإنسان على حقه اليوم أو غدًا، ما دام أَنه قد ضمنَ الحصول على هذا الحق؟ .

وقد تضمنت معاهدة صلح الحديبية وجوب حصول المسلمين على حقهم وهو الطواف بالبيت في العام القادم.

فهل من الحكمة أو هل من مصلحة الإسلام والمسلمين أن يخاطر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأرواح المئات من أصحابه الذين هو في أمسِّ الحاجة إليهم وخاصة في تلك المرحلة المصيرية من بناء الدولة الإسلامية الوليدة التي هي أحوج ما تكون إلى الرجال لحماية الدعوة التي أَخذت جذورها في الرسوخ والانسياب في الأَعماق هل من الحكمة أو من المصلحة أن يقدم على مخاطرة قد لا تكون مأْمونة الجانب فيعرّض أصحابه للموت في حرب ستكون لا شك ضروسًا طاحنة، من أَجل التعجيل بمطلب هو قادر على تحقيقه بعد عام واحد، دون أن يضطر إلى إراقة قطرة دم واحدة من دم أَصحابه؟ ؟ .

إنه كنبيّ أَرسله الله رحمة للعالمين، وكرسول جاء يحمل شعار الحب والتسامح، وكرائد ومصلح جاءَ لحقن الدماء وصيانتها، لا لسفكها وإضاعتها ما وجد إلى ذلك سبيلًا، حتى ولو كانت هذه الدماء غير دماء المسلمين. لهذا كله ولأَنه -كقائد مسؤول عن سلامة أَرواح أَصحابه، لا يمكن أن يقدم على تلك المخاطرة فيخوض حربًا مدمِّرة ضروسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>