للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محجن: أنا كنت أعرف له، ليس أحد أشد على محمَّد منه وإن كان معه (١).

وعندما عاد عيينة بن حصن إلى معسكر المسلمين حاول تضليلهم والكذب عليهم، حيث أراد أن يوهمهم بأنه قدم النصيحة لثقيف بأن يأخذوا الأمان لأنفسهم لأن الرسول لن ينصرف عنهم حتى يقتحم عليهم معاقلهم .. ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فضح عيينة وبين أنه قد كذب بعد أن أطلع الله نبيه على خبية عيينة هذا.

فقد سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عيينة: ما قلت لهم؟ قال: قلت: ادخلوا في الإِسلام، والله لا يبرح محمَّد عقر داركم حتى تنزلوا، فخذوا لأنفسكم أمانًا، قد نزل بساحة أهل الحصون قبلكم. قينقاع، والنضير، وقريظة، وخيبر أهل الحلقة والعدة والآطام. فخذّلتهم ما استطعت -ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكت عنه- حتى إذا فرغ من حديثه قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كذبت، قلت لهم كذا وكذا، للذي قال عيينة. فأسقط في يده، ولم ينكر. وقال: استغفر الله، فطالب عمر بن الخطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينفذ الإعدام في عيينة لارتكابه الخيانة العظمى. فقد قال عمر يا رسول الله، دعني أقدّمه فأضرب عنقه. ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يجب عمر إلى طلبه حين قال: لا يتحدث الناس أنى أقتل أصحابي.

وقد أغلظ أبو بكر الصديق يومئذ في القول لعيينة بن حصن للذي صنع. فقال له: ويحك يا عيينة إنما أنت توضع في الباطل، كم لنا منك من يوم بني النضير، وقريظة، وخيبر، تجلب علينا وقتاتلنا بسيفك، ثم أسلمت كما زعمت، فتحرض علينا عدونا، قال: أستغفر الله يا أبا بكر وأتوب إليه لا أعود أبدًا (٢).

وهذا الخبر عن عيينة بن حصن تؤكده تصرفات سيد غطفان هذا المنكرة، عقب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أعلن عيينة هذا، الردة وقاد أول جيش


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٣٢ - ٩٣٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤٩.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٣٣ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>