للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أَشار ابن إسحاق إلى أن ما حدث لأَبي جندل قد ثقل على المسلمين ودخل عليهم منه أمر عظيم، حتى كادوا أن يهلكوا غمًّا. حتى بلغ الأَمر بالكثير منهم إلى أن يستفسروا في أَلم وحرقة - لعدم إحاطتهم بما أَحاط به علم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولقصر إدراكهم للأَبعاد والمرامي العميقة التي يدركها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقْبل ذلك الشرط الذي أَملاه سهيل بن عمرو أَثناء كتابة المعاهدة والذي بموجبه أعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سهيل المشرك ابنه اللاجئ المسلم - استفسروا: لماذا يردون إلى قريش من جاء إليهم مسلمًا ولا ترد قريش إليهم من هرب إليها منهم مرتدًا؟ .

وجاءَ الجواب من الذات النبوية على هذا الاستفسار. . حكيمًا منطقيًا وواقعيًا، فلامس القلوب المؤمنة فصار لها كالبلسم. . شفاها من الغمّ الذي أَلمّ بهہاوخاصة بعد الذي حدث لأَبي جندل. . جاءَ الجواب من النبي الحكم الحليم بأن من ذهب من المسلمين إلى قريش مرتدًا، فلا رده الله. . إذ لا خير فيه. . وماذا يستفيد المسلمون من إنسان فارق دينهم؟ .

أما المستضعفون من المسلمين الذين قد يطلبون حق اللجوء عند المسلمين فيعيدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كفار مكة. فسيجعل الله لهم مخرجًا - ما في ذلك شك - ما داموا ثابتين على دينهم.

وماذا عليهم لو دفعوا ضريبة الإيمان في سجون مكة؟ لقد سبق لهم إخوة ذاقوا - في سبيل التمسك بعقيدتهم - من أشد مما يذوقون هم، من التعذيب. حتى إنَّ بعضهم مات تحت التعذيب الوحشي الرهيب فصہاروا في الذروة مع السابقين الأولين. أمثال: عمّار وأُم عمّار، وبلال، ومصعب بن عمير الذين لم يكن ما تعرّضوا له هم قسوة الإرهاب-

<<  <  ج: ص:  >  >>