فالغرور بالقوة العسكرية يؤدى إلى الاستهانة بالعدو، والاستهانة بالعدو تشيع اللامبالاة والاسترخاء بين عناصر الجيش المغرور، الأمر الذي يتيع لعدوه أكثر من فرصة قد تؤدى إلى تدميره رغم كثرته وحسن تسليحه.
-٣ -
ولقد أدّب الله المسلمين في معركة حنين .. بسبب إعجابهم بقوتهم، فنزلت بهم الهزيمة المروعة في المرحلة الأولى من المعركة، وذلك لكى يشعروا أن السلاح الذي يكفل لهم النصر، إنما هو - في الدرجة الأولى - قوة الإيمان بالله تعالى لا القوة العسكرية المجردة، وإلى هذه الحقيقة أشار القرآن الكريم بقوله {وَيَوْمَ حُنَينٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيئًا وَضَاقَتْ عَلَيكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيتُمْ مُدْبِرِينَ}(١) الآية.
وتاريخ المسلمين - في عهودهم المشرقة - زاخر بالشواهد والأدلة على أن ما حققوه من أمجاد رائعة رغم قلتهم وكثرة أعدائهم - إنما سببه في الدرجة الأولى - إيمانهم بالله تعالى واتباعهم الإِسلام اعتقادًا وقولًا وسلوكًا.
فعلى أجيالنا التي تتوق إلى العزة والسؤدد أن تحذو حذو أولئك الأبرار من أسلافنا في التمسك بالإِسلام قولًا وعملًا، وإلا فإن من طلب العزة من المسلمين بغير الإِسلام أذله الله .. نسأل الله تعالى أن يعيد أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جادة الصواب ليستعيدوا عزهم الضائع ومجدهم المفقود.