للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤) وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥) وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (٨٦) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} (١).

ويقال أنه - صلى الله عليه وسلم - لم تزل قدماه بعد دفن ابن أبي حتى نزلت هذه الآية: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} الآية، فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية المنافقين، فكان من مات منهم لم يصل عليه. فقال عمر: فعجبت بعد من جرأتى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ والله ورسوله أعلم.

وكان مجمّع بن جارية يحدث يقول: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطال على جنازة قط ما أطال عليها -أي جنازة ابن أبي- عن الوقت ثم خرجوا حتى انتهوا إلى قبره، وقد حمل على سرير يحمل عليه موتاهما عند آل نبيط، وكان أنس بن مالك يحدث يقول: رأيت ابن أبي على السرير، وإن رجلاه لحارجتان من السرير من طوله.

وكانت أم عمارة تحدِّث قالت: شهدنا مأتم ابن أبي، فلم تتخلف امرأة من الأوس والخزرج إلا أتت ابنته جميلة بنت عبد الله بن أبي، وهي تقول: واجبلاه - ما ينهاها أحد ولا يعيب عليها أحد - واجبلاه واركناه، قالوا: ولقد انتهى به إلى قبره.

فكان عمرو بن أمية الضمرى يحدِّث يقول: لقد جهدنا أن ندنوا من سريره، فما نقدر عليه قد غلب عليه هؤلاء المنافقون وكانوا قد أظهروا الإِسلام، وهم على النفاق، من بني قينقاع وغيرهم: سعد بن حنيف، وزيد بن اللصيت، وسلامة بن الحمام، ونعمان بن أبي عامر، ورافع بن حرملة، ومالك بن أبي نوفل، وداعس، وسويد. وكانوا أخابث المنافقين وكانوا هم الذين يعرضونه وكان ابنه عبد الله ليس شيء أثقل عليه ولا أعظم من رؤيتهم، وكان به بطن، فكان ابنه يغلق دونهم الباب، فكان ابن أبي


(١) التوبة: ٨٤ - ٨٥ - ٨٦ - ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>