إلا أن عمر بن الخطاب استطاع أن يكشف له أنه قد أخطأ في تصرفه، فاعترف خالد وطلب من عمر أن يذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويطلب منه أن يستغفر له.
فقد قال عمر لخالد وهو يناقشه في الأمر-: ويحك يا خالد أخذت بني جذيمة بالذي كان من الجاهلية، أو ليس الإِسلام قد محا ما كان قبله في الجاهلية؟ فقال: يا أبا حفص، ما أخذتهم إلا بالحق، أغرت على قوم مشركين وامتنعوا فلم يكن لي بد من قتالهم إذ امتنعوا فأسرتهم، ثم حملتهم على السيف. فقال عمر أيُّ رجل تعلم عبد الله بن عمر؟ قال أعلمه والله رجلًا صالحًا، قال فهو أخبرني غير الذي أخبرتنى وكان معك في ذلك الجيش. قل خالد. فإني أستغفر الله وأتوب إليه. قال: فانكسر عنه عمر، وقال: ويحك إيت رسول الله يستغفر لك (١).
قالوا: فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صنع خالد رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه، وهو يقول: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، وقدم خالد بن الوليد والنبي - صلى الله عليه وسلم - عاتب.
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الذي بلغه، وبعد ما أثبتت التحقيقات خطأ خالد فيما صنع، قرر أن يدفع ديات قتلى بني جذيمة الذين أعدمهم خالد باعتبار أن قتلهم كان خطأ، فاستدعى علي بن أبي طالب وأعطاه مالًا. فقال: انطلق إلى بني جذيمة واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك. فَدَلَّهم ما أصاب خالد بن الوليد.
فخرج على بذلك المال حتى جاءهم، فشرع في دفع ديات قتلاهم، فلم يكف المال الذي اصطحبه معه، فاستزاد من رسول الله مالًا جديدًا ليكمل دفع حقوق بني جذيمة، حيث بعث أبا رافع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه مده بالمال فأجاب طلبه ودفع المال المطلوب إلى رافع، الذي عاد بدوره إلى على بديار بني جذيمة، فوَدَى (أي دفع دية) كل ما أصاب خالد حتى أنه