الإِسلام. فقالوا: نحن مسلمون. قال: فما بال السلاح عليكم؟ قالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم. فأخذنا السلاح لكى ندفع عن أنفسنا من خالف دين الإِسلام. قال: فضعوا السلاح فقال لهم رجل منهم يقال له جحدم: يا بني جذيمة، إنه والله خالد وما يطلب محمد من أحد أكثر من أن يقر بالإِسلام، ومخن مقرون بالإسلام، وهو خالد لا يريد بنا ما يراد بالمسلمين، وأنه ما يقدر مع السلاح إلا الإِسار، ثم بعد الإِسار السيف .. قالوا نذكرك الله، تسومنا. فأبى يلقى سيفه حتى كلموه جميعًا، فألقى سيفه وقالوا: إنا مسلمون والناس قد أسلموا، وفتح محمد مكة، فما نخاف من خالد؟ فقال: أما والله ليأخدنكم بما تعلمون من الأحقاد القديمة. فوضع القوم السلاح، ثم قال لهم خالد: استأسروا. فقال جحدم: يا قوم ما يريد من قوم مسلمين يستأسرون. إنما يريد ما يريد، فقد خالفتموني وعصيتم أمرى، وهو والله السيف، فاستأسر القوم، فأمر بعضهم يكتِّف بعضًا، فلما كتفوا دفع إلى كل رجل من المسلمين الرجل والرجلين، وباتوا في وثاق، فكانوا إذا جاء وقت الصلاة يكلمون المسلمين فيصلون ثم يربطون، فلما كان في السحر، والمسلمون قد اختلطوا بينهم، فقائل يقول: ما نريد بأسرهم، نذهب بهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقائل يقول: ننظر هل يسمعون أو يطيعون، ونبلوهم ونخبرهم، والناس على هذين القولين، فلما كان في السحر نادى خالد بن الوليد: من كان معه أسير فليذافِّه - والمذافة الإجهاز عليه بالسيف - فأما بنو سليم فقتلوا كل من كان في أيديهم، وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا (أطلقوا) أساراهم.
وقد جرت مشادة بين القائد خالد بن الوليد وأحد كبار الأنصار - أبو أسيد الساعدى -، حين غضب خالد إذ أطلق الأنصار والمهاجرون أسراهم ولم يعدموهم. فقال أبو أسيد: اتق الله يا خالد والله ما كنا لنقتل قومًا مسلمين. قال خالد: وما يدريك؟ قال (أبو أسيد): نسمع إقرارهم بالإِسلام، وهذه المساجد بساحتهم.
وعند عودة خالد من ديار جذيمة - بعد الذي فعل - لامه كبار الصحابة، عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وكان