إلا لتشتبك مع المسلمين في معركة فاصلة تهدف من ورائها إلى محو الكيان الإسلامى إلى الأبد.
لقد تحصن المسلمون وراء الخندق الواسع العميق الذي يبلغ طوله حوالي اثنين من الكيلو مترات، الخندق الذي لا يجرؤ على اقتحامه إلا فارس فذ زاهد في الحياة، أما المشاة فلا سبيل لهم إلى اقتحامه أبدًا.
وقد استفاد الجيش الإسلامى من مناعة جبل سلع الذي جعله خلف ظهره، كما استفاد من وعورة حرة الوبرة لحماية جناحه الأيسر ووعرة حرة واقم لحماية جناحه الأيمن، والحرة الجنوبية لحماية مؤخرته.
فأمن كليًّا من خطر أي التفاف يقوم به العدو، فظهره إلى جبل سلع ومن ورائه المدينة وأبنيتها المتشابكة ونخيلها المتلاصق مع الحرة وجناحاه محميتان بالحرتين مع جزء من الخندق، أما صدره فقد واجه به جيوش الأحزاب التي صار الخندق فاصلًا بينه وبينها.
وهكذا نجحت خطة الدفاع التي اتبعها المسلمون نجاحًا كاملًا، حيث صاروا بعد تطبيقها وكأنهم في قلعة منيعة يكون الموت مصير من تحدثه نفسه بالاقتراب منها من ناحية الخندق الشمالية التي لا يمكن لجيوش الأحزاب أن تقوم بأي قتال جدى وعلى نطاق واسع كما تريد إلا عن طريقها.
فكان الخندق بحق من أعظم الأعمال الدفاعية التي قام بها المسلمون لإحباط هجوم الأحزاب على المدينة، فقد وجد قادة الأحزاب المكان الذي حددوه ليكون هدف هجومهم الرئيسى وهو مداخل المدينة الفسيحة الواقعة بين الحرتين، وجدوا هذا المكان تعسكر فيه جيوش الإسلام رابضة ليوثها وراء الخندق العميق، فتحطمت أمالهم وانهارت خططهم التي رسموها لاقتحام المدينة من الأساس،