إذ تزوجت أخت مالك بن العجلان اليمانى رجلا من بني سليم في يثرب فأرسل الفطيون رسولًا في ذلك طالبًا أن تدخل عليه العروس كالعادة قبل أن تزف إلى زوجها، وكان مالك أخوها غائبًا، فخرجت هاربة من العار تطلبه، فمرت بقوم فيهم أخوها مالك، فنادته، فقال: لقد جئت بسبة الدهر يا هنتاه، تنادينى ولا تستحى؟ فقالت: الذي يراد بي أكبر، ثم أخبرته بأن الفطيون طلبها قبل أن تدخل على زوجها، فثارت حمية مالك وقال لأخته: أنا أكفيك ذلك، فقالت: وكيف؟ فقال أتزيا بزى النساء وأدخل معك عليه (أي الفطيون) فأقتله .. فلما أمسى مالك اشتمل على السيف ودخل على (الفطيون طاغية اليهود) متنكرًا مع النساء فلما خف من عنده، وثب عليه فقتله، ثم أخذ أخته وانصرف بها إلى دار قومه بعد أن مسح عن سكان يثرب أشنع عار كانوا يوصمون به. فثارت ثائرة اليهود لقتل ملكهم الفطيون وأرادوا أن يوقعوا بالعرب، إلا أن مالك بن العجلان توجه في وفد من قومه إلى من بالشام من قومهم (الغساسنة)، وهناك دخل على ملك الغساسنة (أبي جبيلة) وشكا له طغيان اليهود الدخلاء وغلبتهم على عرب يثرب وأنهم يخشون أن يطردهم اليهود من ديارهم (وخاصة بعد مصرع ملكهم الفطيون) ثم طلب النجدة من ملك غسان، فلبى طلبه وتوجه بنفسه إلى يثرب على رأس جيش عظيم، ولما وصل أبو جبيلة يثرب أوقع باليهود وأحدث فيهم مقتلة عظيمة أبيد فيها أكثر قادة وزعماء اليهود، فعزت الأوس والخزرج بعد ذلك ولم يقم بعد هذه الحادثة لليهود في يثرب أي سلطان يخشاه العرب من الناحية العسكرية حتى جاء الله بالإسلام فعم سلطانه العادل جميع شبه الجزيرة في العهد النبوى فنسخ بذلك ما تبقى لليهود الدخلاء من نفوذ في أي مجال من المجالات (انظر كتابنا، غزوة بني قريظة في الفصل الأول والثاني الخاص بتاريخ اليهود في يثرب). (١) سيرة ابن هشام ج ٢.